من المقرر أن تعقد اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح التقاعد، اليوم الأربعاء، اجتماعها، للكشف عن خطة علاج أمراض نظام التقاعد، وسط توقعات باحتمال تفجر معركة جديدة بين عبد الإله بنكيران والمركزيات النقابية وذلك في حال تقدم الحكومة بمقترحات "تجهز على حقوق ومكتسبات الموظفين والموظفات". وكانت اللجنة أجلت الاجتماع بعدما كان مقررا يوم 14 ماي المنصرم، بسبب عدم التوافق والتنسيق بين جميع الشركاء. وقال حسن المرضي، عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، "إننا نسجل تأخيرا في العمل على صعيد هذا الملف، ذلك أنه لم يشهد أي جديد منذ سنتين، أي منذ أن قدمت اللجنة التقنية خلاصاتها". وشدد حسن المرضي، في تصريح ل "المغربية"، على ضرورة عقد مناظرة ثانية لإصلاح التقاعد بعد الأولى التي جرى تنظيمها سنة 2003، حتى يجري تقييم عمل اللجنة التقنية وخلاصاتها، وإذا ما كانت دائما تساير الظرفية الحالية. واعتبر أن ملف الصندوق المغربي للتقاعد جرى تهويله، ذلك أنه "يتوفر على احتياطات مهمة، فهو ثاني مستثمر على الصعيد الوطني"، يقول المرضي. وخلص إلى أن إصلاح أنظمة التقاعد هو ملف اجتماعي يتعين فيه الأخذ بالاعتبار القدرة الشرائية للمتقاعدين، ويتعين أن يستند إلى مقاربة تشاركية وليس انفرادية أحادية. من جهته، قال عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، إن النقابات ستكشف عن موقفها بعد حضور اللقاء والاطلاع على المقترحات التي ستتقدم بها الحكومة، وزاد مفسرا "مبدأ مناقشة الموضوع ليس هناك خلاف حوله، لكن العلاج يجب تدبيره بشكل رصين وعقلاني وبإشراك الجميع حتى نضمن نجاح الإصلاح". لكن، يضيف العزوزي، في تصريح ل "المغربية"، أن "يغمض الإنسان عينيه ويتخذ قرارات انفرادية، فإن هذا لن يكون له إلا نتائج سلبية". المنظمة الديمقراطية للشغل لم تنتظر الاطلاع على المقترحات، التي توقعت خطوطها العريضة سلفا، لتصدر بلاغا هاجمت فيه الحكومة، مشيرة إلى أن "الحكومة اختارت أسلوب المواجهة والتحدي في فرض إصلاح ترقيعي تراجعي لنظام التقاعد، عبر مخطط وسيناريو مجحف وظالم في حق الموظفات والموظفين المنخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد". وقال علي لطفي، الكاتب العام للنقابة، في تصريح ل "المغربية"، "ستأتي الحكومة مرة أخرى بقرارات انفرادية خطيرة، للإجهاز على مكتسب ناضلت من أجله الشغيلة المغربية لعدة سنوات لتحقيقه وهو نظام عادل واجتماعي للحصول على التقاعد"، مشيرا إلى أنها "أرادت مرة أخرى من خلال السيناريو المقترح، تحميل عبء معالجة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد للموظفين والموظفات، بحكم أن هذا الصندوق يهم فقط القطاع العام". وذكر القيادي النقابي أن "أجرة معاشات المتقاعدين وقيمتها ستنخفض مستقبلا، إذا جرى تنفيذ هذا السيناريو الذي ستقترحه الحكومة وتعمل على تنفيذه، إلى ما يقارب 30 في المائة، لأن الحكومة جاءت باقتراح سيعتمد معدل ثماني سنوات لاحتساب أجرة المعاش، وهو ما يؤدي إلى تقليص قيمة أجرة المعاش"، وزاد قائلا "هذا قرار خطير، وستكون له انعكاسات سلبية على قيمة معاشات الموظفين والموظفات وذوي حقوقهم". وكانت اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد بنت الخلاصات التي قدمتها اللجنة التقنية على أساس إرساء إصلاح شامل يروم إنشاء منظومة تقاعد من قطبين موجهين إلى القطاعين العمومي والخاص. ودعت اللجنة الوطنية، في هذا الإطار، اللجنة التقنية إلى الرفع من وتيرة عملها، كما كلفتها باستكمال البلورة الدقيقة للإطار العام للإصلاح، وإنجاز دراسة تمكن من مقاربة دقيقة لتوسيع التغطية لفائدة غير الأجراء في شقيها المتعلقين بالتأمين عن المرض ومخاطر الشيخوخة ووضع تصور دقيق لحكامة المنظومة الجديدة للتقاعد في الجوانب المتعلقة بالتأطير والرقابة وتسيير وتدبير الأنظمة وإعداد الترسانة القانونية والتنظيمية اللازمة. وجرى اجتماع اللجنة الوطنية، في يناير 2013، بحضور عدد من أعضاء الحكومة، ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بنصالح شقرون، والأمناء العامين للنقابات الأكثر تمثيلية، والمدراء العامين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد والصندوق المهني المغربي للتقاعد، والكاتب العام لصندوق الإيداع والتدبير. وأعدت اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد مذكرة تقترح إرساء إصلاح شامل يروم إنشاء منظومة تقاعد من قطبين: عمومي وخاص. ويهدف القطب العمومي لهذه المنظومة إلى تجميع أنظمة المعاشات المدنية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، فيما يعمل القطب الخاص في آن واحد على تقوية الوضعية المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ودعم ترسانته القانونية لتمكينه من الاضطلاع بشكل أفضل بدوره الاجتماعي، وتوسيع التغطية في إطاره لفائدة غير الأجراء. أما الشق الثاني من الإصلاح، الذي يكتسي طابعا استعجاليا، حسب الحكومة، فيتم من خلال إدخال إصلاحات مقياسية على نظام المعاشات المدنية الذي يوجد في وضعية أصعب بالنسبة لباقي الأنظمة لتقوية قاعدته المالية وتأخير بروز العجز فيه".