بمناسبة الأيام البيئية، التي يحتفل بها المغرب على غرار باقي دول العالم، يشكو سكان مدينة المحمدية، هذه الأيام، ارتفاع نسبة تلوث الهواء في مدينتهم، إذ تزكم أنوف المواطنين روائح كريهة وتزداد حدة هذه الروائح خاصة مع اقتراب فترة المساء، وهي روائح غريبة، ويصعب تمييزها بين أنواع الغازات وأشكال الأدخنة، التي تغطي سماء "مدينة الزهور". وبلغ مستوى تلوث الهواء في المدينة، خلال الأسبوعين الماضيين، حد سقوط غبار أسود على أسطح البنايات والسيارات، وهو مستوى غير مسبوق، تسبب في ارتفاع حالات الاختناق التنفسي، خاصة لدى المصابين بالربو، ويعزو بعض المواطنين ارتفاع حجم التلوث في الفترة الأخيرة إلى تشغيل وحدات صناعية جديدة، تعمل في مجالات مواد كيميائية. اتصلت "المغربية" بجهات مسؤولة للاستفسار عن أسباب تزايد الروائح الكريهة المنبعثة مع أدخنة بعض المصانع، خاصة في فترات الليل، دون أن تتلقى أي رد. ولا تشكو مدينة المحمدية تلوث الهواء وحسب، بل إن شواطئها الجميلة معرضة لأكبر كارثة بيئية، فضلا عن المناطق المجاور للمدينة، التي تعرف تلوثا خطيرا على مستوى التربة، حيث تنتشر في أطراف المدينة مستودعات تابعة لشركات ومصانع خاصة، توجد بها براميل وصناديق ومعدات ونفايات، غالبا ما يحولها المطر إلى منابع لأنهار من المياه الملوثة، تلوث التربة والمياه على حد سواء، ما يعرض سكان الضواحي لأمراض خطيرة وغريبة. وتشكل مدينة المحمدية قلب المحور الأكثر تلوثا في المغرب، وحسب بعض الدراسات، تعد ضمن المناطق الأكثر تلوثا في العالم، بسبب احتضانها مصانع تنبعث منها غازات مضرة بصحة الإنسان، هي الرصاص والزئبق والكلوميوم، إضافة إلى أول أوكسيد الكربون، وأوكسيد الأزوت، وثاني أوكسيد الكبريت، والمواد الدقيقة المنتشرة في الهواء. وحسب تقارير طبية، فإن هذه الغازات قادرة على التسبب في أمراض خطيرة، منها ما يظهر على المدى القريب، ومنها ما يشتد بأصحابها على المدى الطويل، ويشكل الربو أول نتيجة لانتشار هذه الغازات في الهواء، فيما تصطف أنواع السرطانات على الطريق، في انتظار نسبة مهمة من سكان المدينة، الذين استنشقوا ذرات الرصاص والزئبق، فضلا عن الأمراض التي تتلف الجهاز العصبي لدى الإنسان، بسبب تراكم المواد الدقيقة المحمولة في الهواء عن طريق التنفس، واستقرارها في جسم الإنسان. تتحدث المصالح الرسمية عن إجراءات على مستوى مراقبة المصانع النشيطة في مجال الكيماويات بمدينة المحمدية، كما يصرح مسؤولو العديد من الشركات والمصانع بانخراطهم في برامج لحماية البيئة بالمدينة، غير أن دخان المصانع ما زال يحجب الرؤية عن حماية "مدينة الزهور" من مخاطر التلوث المحدقة بصحة المواطنين.