سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى بن جعفر: تونس حريصة على الاستفادة من المسار الانتقالي الذي قطعه المغرب على مستوى تركيز آليات العدالة الانتقالية رئيس المجلس التأسيسي التونسي ثمن في كلمة ترحيبية بصاحب الجلالة الملك محمد السادس موقف المملكة الداعم للتونسيين
أكد رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي، مصطفى بن جعفر، أول أمس السبت، حرص بلاده على الاستفادة من "المسار الانتقالي الذي قطعه المغرب خصوصا على مستوى تركيز آليات العدالة الانتقالية ومقاربته المتميزة للشأن الديني". وأبرز بن جعفر، في كلمة ترحيبية بصاحب الجلالة الملك محمد السادس قبل إلقاء جلالته خطابا أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي، تقدير بلاده البالغ "لمسار الإصلاح والتحديث المتسارع الذي تشهده المملكة في جميع المجالات"، مؤكدا حرص الجمهورية على الاستفادة من التجربة الثرية "الرائدة على المستوى العربي "في بناء مثال ديمقراطي في "بلد عربي مسلم يوازن بين عالمية الفكرة الديمقراطية من حيث القيم والمبادئ وبين خصوصيات التطبيق وآليات التنزيل في الواقع". وثمن "موقف المملكة الداعم للتونسيين في المرحلة الانتقالية التي يمرون بها بعد 2011 وما قدمته لتونس من أجل الاستقرار وتجاوز هذه المرحلة إلى الطريق الآمن في ترسيخ مؤسسات الدولة الديمقراطية"، مشيدا بمبادرة جلالة الملك السامية ب"إيفاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد لحضور الموكب الاحتفالي بالدستور في 7 فبراير الماضي، وتنقل رئيس مجلس النواب المغربي السابق لحضور الجلسة الممتازة التي خصصت لختم الدستور يوم 27 من الشهر ذاته وما يرمز إليه هذا الحضور رفيع المستوى من إرادة صادقة ودعم قوي من المغرب الشقيق لنجاح تونس في مسارها الانتقالي". و في ما يلي نص كلمة مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي: "باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، السيد رئيس الحكومة والسيدات والسادة أعضاء الحكومة، السيد رئيس الجمهورية السابق، السيدات والسادة أعضاء الوفد المغربي الشقيق، السادة رؤساء الحكومة السابقين، أصحاب السعادة السادة أعضاء المجلس القومي التأسيسي، السيدات والسادة رؤساء وممثلي الهيئات الوطنية والأحزاب والمنظمات والجمعيات، زميلاتي وزملائي السيدات والسادة الحضور الكرام إنه لشرف رفيع أن نستقبل اليوم جلالة الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية الشقيقة، والوفد لمرافق له. ويسعدني أن أعبر لكم باسمي الخاص، وباسم كافة السيدات والسادة نواب مجلسنا الموقر عن أصدق المشاعر وأطيبها، في هذه اللحظات التي تجتمع فيها بكل مهابة قيم الأخوة الخالصة وعراقة التاريخ المشترك وأواصر الدين والدم واللغة، والطموح إلى بناء مستقبل أفضل لشعبينا الشقيقين وتحقيق حلم الأجيال المغاربية في اتحاد مغاربي حقيقي وقوي. نرحب بجلالتكم في رحاب المجلس الوطني التأسيسي، الذي انتخبه الشعب التونسي ليعبر عن إرادته الحرة وطموحه لبناء دولة الحق والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهي القيم العليا التي ألهمت الثورة التونسية المباركة. إننا في تونس ننظر بتقدير بالغ لمسار الإصلاح والتحديث المتسارع، الذي تشهده المملكة في جميع المجالات، وقد حرصنا ولازلنا، على الاستفادة من تجربتكم الثرية الرائدة على المستوى العربي في بناء مثال ديمقراطي في بلد عربي مسلم يوازن بين عالمية الفكرة الديمقراطية، من حيث القيم والمبادئ، وبين خصوصيات التطبيق وآليات التنزيل في الواقع. ولا شك أننا استفدنا أيما استفادة، من المسار الانتقالي الذي قطعته بلادكم خصوصا، على مستوى تركيز آليات العدالة الانتقالية ومقاربتكم المتميزة للشأن الديني. نسير اليوم في تونس بخطوات ثابتة للوفاء باستحقاقات الثورة وإنجاح المسار الانتقالي، بعد أن توفقنا في الوصول إلى دستور تقدمي متوازن يراعي خصوصياتنا وهويتنا العربية الإسلامية، وينفتح على مقومات الحداثة، وهو ثمرة عمل تشاركي مثل فيه التوافق خيارا استراتيجيا. فقد أوفى المجلس الوطني التأسيسي بأهم تعهداته التأسيسية بالمصادقة على الدستور وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمصادقة على القانون الانتخابي، وعلى قانون العدالة الانتقالية وتركيز الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين. وفي نفس الإطار التوافقي ولإدارة ما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية بعد إنجاز الدستور، تم تسليم الحكم لائتلاف الحكومي الذي تشكل عقب انتخابات 23 أكتوبر 2011 إلى حكومة كفاءات وطنية تتميز بالحياد وغير معنية بالترشح للانتخابات المقبلة. حصل كل ذلك تعزيزا لأواصر الثقة بين الجميع، وتوفيرا للمناخ الملائم لإجراء انتخابات تتوفر فيها شروط النزاهة وحياد الإدارة، وفي كنف الحرية والنظام قبل موفى هذه السنة حسب مقتضيات الدستور. جلالة الملك، حضرات السيدات والسادة، إن ما يجمع تونس والمغرب رباط وثيق متين متصل عبر التاريخ، تجمعنا محطات عديدة ووحدة عميقة وسفر في الذاكرة لأواصر علمية وثقافية عتيدة يشهد عليها تاريخ جامعة القرويين هناك بفاس، وجامعة الزيتونة المعمور، هنا بتونس. وتشكلت في عمقهما المدرستان التونسية والمغربية، وهما رافدان ثريان من روافد مدرسة الغرب الإسلامي المتميزة بتجذرها في الأصول، وعمق نظرتها للواقع وجمعها بين النقل والعقل، وبروح عظيمة من التسامح والاعتدال. كما جمعتنا محطات النضال والكفاح ضد الاستعمار، وتونس لا تنسى أبدا الموقف النضالي العظيم لجلالة المغفور له محمد الخامس، وتضامنه المطلق مع تونس، وننحني بخشوع لشهداء الدارالبيضاء، الذين سقطوا برصاص الاستعمار الفرنسي يومي 7 و8 دسمبر 1952 بعد أن هب مواطنو ومواطنات الدارالبيضاء في انتفاضة عارمة على الآلة الاستعمارية الغاشمة استنكارا للاغتيال الفظيع والوحشي للزعيم فرحات حشاد. وكنا متلازمين، أيضا، في معركة بناء الدولة المستقلة وصيانة الاستقلال وتوطيد السيادة. وقد جمعت علاقة صداقة وأخوة مميزة بين الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة والمغفور له جلالة الملك محمد الخامس، واستمرت مع والدكم المغفور له الملك الحسن الثاني، ونحن اليوم نمضي على نفس السبيل لننجز معا الطريق الديمقراطية وللانتصار لقيم الحرية والعدالة والمساواة. نحن نقدر ونثمن موقف المملكة المغربية الداعم للتونسيين في المرحلة الانتقالية، التي يمرون بها بعد 2011، وما قدمته لتونس من أجل الاستقرار وتجاوز هذه المرحلة إلى الطريق الآمن في ترسيخ مؤسسات الدولة الديمقراطية. ونشكر مبادرتكم السامية لإيفاد سمو الأمير مولاي رشيد لحضور الموكب الاحتفالي بالدستور يوم 7 فيفري 2014، وتنقل رئيس مجلس النواب المغربي الأسبق لحضور الجلسة الممتازة التي خصصت لختم الدستور يوم 27 جانفيي 2014، وما يرمز إليه هذا الحضور رفيع المستوى من إرادة صادقة ودعم قوي من المغرب الشقيق لنجاح تونس في مسارها الانتقالي. كما نعبر عن شديد الحرص على دعم الرصيد الإيجابي للعلاقات القائمة بين شعبينا قبل الاستقلال وبعده. والمطلوب منا اليوم أن نعمل على ترجمة عمق العلاقات المتميزة والأطر المتقدمة للتعاون الموجودة بين بلدينا إلى أفكار ومبادرات تحقق النقلة النوعية المرتقبة عبر الارتقاء بالشراكة الاقتصادية إلى مستوى العلاقة التاريخية، التي تجمع بلدينا حتى ندعم النسيج الاقتصادي المشترك ونوسع فرص التبادل التجاري البينية التي بقيت لحد اليوم محدودة. إن آمالنا معلقة على الدورة الثامنة عشر للجنة الكبرى المشتركة للتعاون الثنائي المرتقبة خلال السداسي الثاني من السنة الحالية، في خلق ديناميكية تعود بالنفع على البلدين. ونرجو أن يقع تذليل كل الصعوبات والمرور بسرعة إلى تنفيذ البروتوكولات واتفاقيات التعاون وتفعيل ما جاء بها، وتطوير التواصل المباشر بين المسؤولين في البلدين لتجاوز كل العراقيل. ونجدد اليوم العزم على دعم وتطوير العلاقات البرلمانية بين البلدين وتعميق روابط الصداقة والتعاون بين المؤسستين البرلمانيتين، لاسيما من خلال استكمال تركيز مجموعة الأخوة البرلمانية صلب هاتين المؤسستين. جلالة الملك، حضرات السيدات والسادة، إن شعوبنا المغاربية تحملنا جميعا، قادة ومسؤولين، في دول المغرب العربي مسؤولية الفرص المهدورة في بناء الاتحاد المغاربي. هذا الحلم الذي حملته الأجيال المتعاقبة منذ مؤتمر طنجة في أبريل 1958 إلى المؤتمر التأسيسي لاتحاد المغرب العربي في مراكش، 1989هذا البناء المغاربي الذي بقي غائبا على مستوى الإنجاز التنموي والاقتصادي. وقد أكدت الأزمات والتحديات التي عشناها ومازلنا نعيشها، الحاجة الملحة لاستعجال استكمال هذا البناء، وهو خيار استراتيجي لمنطقتنا، وهو المدخل الرئيسي إلى التنمية وإلى تحقيق شروط المواطنة. وقد نص الدستور التونسي الجديد في الفصل الخامس، على أن الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي تعمل على تحقيق وحدته وتتخذ كافة التدابير لتجسيمها. هذا الاتحاد الذي بوسعه أن يكون فضاء تكامليا وقوة اقتصادية وإطارا للتعايش الديمقراطي يمكننا من أن نواجه بأكثر قوة وأشد وحدة، مخاطر الإرهاب وكل الأطماع الأجنبية، وأن تحل وفق أطره القانونية كل المسائل الخلافية. ونحن اليوم نجدد الدعوة التي بادر بها وزير الشؤون الخارجية التونسي والتي أطلقها من الرباط في شهر أبريل الفارط بشأن انعقاد الدورة السابعة لمجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي في تونس في شهر أكتوبر المقبل، إن شاء الله، وإن اتفقت القيادات، ونرجو أن تكون الخطوة، خطوة حاسمة إلى الأمام. إن تونس تعمل، من جهتها، وفق ما يمليه عليها واجبها القومي ومسؤولياتها تجاه أشقائها على تطويق كل الخلافات وإعمال الحكمة للتوصل إلى حلول عادلة بروح المصالحة وبنفس إيجابي وبعمق الروابط الأخوية التي تربطها بجميع دول المغرب العربي. من جهة أخرى، لا يسعنا إلا أن نعبر عن انشغالنا العميق بخصوص الأحداث الجارية في ليبيا الشقيقة، وعلينا أن نعمل على دعم كل جهود المصالحة الوطنية بين مختلف الفرقاء وتكثيف العمل الدبلوماسي المشترك ومزيد التنسيق والتعاون من أجل تعزيز أمن واستقرار المنطقة وتطويق الإرهاب ومواجهة كل الأخطار المهددة . كما نعرب عن مساندة تونس للشعب السوري ودعمنا للجهود الدولية الهادفة إلى إنهاء معاناته وتحقيق الاستقرار والسلم المنشودين لكل أطيافه. ونؤكد موقف تونس الثابت الداعم لما نعتبره قضيتنا المركزية، القضية الفلسطينية، كما نؤكد تمسكنا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ونرحب باتفاق المصالحة الفلسطينية الأخير الموقع بغزة وتوافق الإخوة الفلسطينيين على حكومة وحدة وطنية. كما نثمن جهود جلالتكم في إطار رئاستكم للجنة القدس الرامية إلى الحفاظ على الهوية الفلسطينية لمدينة القدس وللتصدي لسياسة التهويد الممنهجة من طرف الاحتلال البغيض. جلالة الملك، اسمحوا لي، مرة أخرى، أن أجدد الترحاب بكم وبالوفد المرافق لكم متمنيا لكم إقامة طبية بين أهلكم وإخوانكم في تونس، وأدعو جلالتكم للتفضل بإلقاء خطابكم أمام المجلس الوطني التأسيسي. وأدعو السيدات والسادة النواب، والسيدات والسادة الحضور الكرام، للوقوف تحية وتقديرا لضيف تونس المبجل، جلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية الشقيقة، حفظه الله".