أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس، صلاة الجمعة بمسجد للاأسماء بمدينة الرباط. (ماب) وفي مستهل خطبة الجمعة، أكد الخطيب أن التمسك بالعقل واستعماله في أمور الدنيا أمر واجب ولكن الاحتكام إلى ما تدركه عقولنا وحواسنا لا يعني أننا نحيط وندرك أمورا كثيرا من أمر الله وأمر خلقه، وقد أمرنا بالإيمان بوجودها وإن غابت عنا في الكون، مبرزا أن هذه الأمور هي الغيب المنضبط بالشرع. وقد أثنى الله على عباده المتقين الذين يؤمنون به، فجعل إيمانهم بالغيب من أخص صفاتهم ومن أجل المقامات وأفضلها. وأوضح الخطيب أن الإيمان بالغيب هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل والمتضمن لانقياد الجوارح، حيث لا يتميز المؤمن عن الكافر إلا بالإيمان بما لم يره ولم يشاهده، فهو يؤمن بالخبر عن الله ورسوله سواء فهمه وعقله أو لم يهتد إلى عقله وفهمه، وأن الغيب هو ما غاب عن العقول والأنظار من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلية، وقد أخبر الله ببعضها واختص نفسه بأمور غيبية لا يعلمها أحد سواه، مضيفا أن التمايز بين الناس إنما يكون بالإيمان بالمغيبات مع الإذعان واليقين والرضا بعد العلم والاستدلال. وأكد أن للإيمان بالغيب تأثيرا عجيبا في نفسية المؤمن وسلوكه، فهو ينشئ القوة الدافعة إلى العمل ويربي الإرادة والعزيمة ويحمي من السقوط والانهيار ويقوي جانب الاحتساب ويشعر بالمسؤولية، ويقرر العدل والقسط المطلق لله تعالى، ويؤكد قطعية نتائج التواب والعقاب، ويحمي من الآفات النفسية واليأس والقنوط ويوقظ القلب ويهون المصائب ويغري بالتضحية في سبيل الحق، كل ذلك على الأصل الأصيل، كما أن الإيمان بالغيب يورث في العبد المراقبة الدائمة والمستمرة لله تعالى. وأوضح أن أرباب التربية العارفين بالله المراقبين له، في السر والعلن، مجمعون على أن مراقبة الله في الخواطر سبب لحفظها في الظواهر، فمن راقب الله في سره حفظه الله في علانيته، مذكرا بأن الإيمان بالغيب له ثمرات جليلة منها التسليم المطلق لله والخضوع لفعله وحكمه، ومنها طمأنينة النفس وراحة القلب والارتياح لعدل الله، ولذلك فإن الإيمان بالغيب ضروري لحياة المؤمن، فهو رحمة من الله ونعمة يمنحها للإنسان المؤمن. وأبرز أن الإيمان بالغيب أثر في الرعيل الأول من الصحابة والتابعين تأثيرا عظيما وأحدث في قلوبهم حركة عجيبة تغيرت بها حياتهم الفردية والأسرية والجماعية، ولذلك حق على المربين من الآباء والأمهات والمعلمين ترسيخ الإيمان بالغيب في قلوب الناشئة، لأنه يوصل لمنزلة المراقبة لله في السر والعلانية فتسلم القلوب من أمراض القلق واليأس وتصلح النفوس وتطمئن الأفئدة على عملها في الدنيا وجزائها في الآخرة. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويعلي به راية الإسلام والمسلمين، وبأن يسدد خطاه ويحقق مسعاه، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر افراد الاسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويطيب تراهما ويكرم مثواهما.