لم يتمكن عبد العزيز بوتفليقة الذي انتخب لولاية رابعة من الإدلاء بخطاب إلى الشعب، واكتفى مكتب الرئاسة بتوزيع رسالة إلى وسائل الإعلام لتقرأها وتنشرها للشعب الجزائري، كما أدى اليمين الدستوري من فوق كرسه المتحرك، إذ يرفض معارضوه نتائج الانتخابات بوصفها تزويرا لتسهيل بقائه في الحكم خمس سنوات أخرى. بوتفليقة يؤدي اليمن الدستوري عرض التلفزيون لقطات لبوتفليقة (77 عاما) وهو جالس على مقعد متحرك ليؤدي اليمين ويلقي أول كلمة على الملأ منذ عامين على الأقل في ظهور نادر له منذ إصابته بجلطة العام الماضي أثارت تساؤلات حول مدى قدرته على الحكم. وقال بوتفليقة بصوت ضعيف أمام المئات من أنصاره في قاعة مكتظة "أشكر الشعب الجزائري على تجديده الثقة في شخصي". وأضاف "لقد كانت انتخابات 17 أبريل انتصارا حقيقيا للديمقراطية لقد كان ذلك نصرا للديمقراطية". وأثناء حكم بوتفليقة، أصبحت الجزائر حليفا لواشنطن في حملتها ضد التشدد الإسلامي في المغرب العربي وموردا لنحو خمس واردات الغاز لأوروبا. لكن حالة بوتفليقة الصحية أثارت تساؤلات حول ما يمكن أن يحدث بعد ذلك ومن سيحل محله إذا لم يتمكن من استكمال فترة ولايته وكيف سيؤثر ذلك على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاستثمارات النفطية في البلاد. وكلف بوتفليقة، الذي أوكل حملته لدائرة من الحلفاء رئيس وزرائه السابق عبد المالك سلال بتشكيل الحكومة الجديدة. ولم تعلن على الفور المناصب الأخرى في الحكومة الجديدة لكن الخيارات قد تعطي دلالة على عمق المقترحات المتعلقة بالإصلاح. وقال بوتفليقة، في نص حديثه، إنه سيعيد عما قريب فتح ورشة الإصلاحات السياسية التي ستفضي إلى "مراجعة الدستور مراجعة توافقية" ودعا إلى انضمام ممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية لهذه العملية. وأضاف "تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين". ويقول الكثير من الجزائريين إن بلادهم تحكمها من وراء الستار دوائر متنافسة من قادة عصر الاستقلال من حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وجنرالات الحرس القديم الذين يعتبرون أنفسهم حماة الاستقرار. واتفقت ستة من أحزاب المعارضة الرئيسية على مقاطعة انتخابات الرئاسة وقالوا إن كل الأمور كانت تميل لصالح بوتفليقة ولا توجد أي فرصة تذكر لتغيير الوضع القائم بالفعل. وتساءل لخضر بن خلاف من حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي عما إذا كان بإمكان الرئيس حل المشكلات وتلبية طموحات الشعب والوفاء بواجباته الدستورية. وقال إن هناك الكثير من التساؤلات التي ماتزال دون إجابة. ومنذ إصابته العام الماضي بجلطة دخل على إثرها مستشفى في باريس وظل بها ثلاثة أشهر، لم يظهر بوتفليقة علانية إلا في ما ندر عندما كان يستقبل شخصيات خارجية مثل لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل الانتخابات. وتقول مصادر انه بعد عودته من باريس عزز حلفاؤه قبضته بإقالة عدد من الجنرالات للحد من نفوذ جهاز الاستخبارات العسكري بالبلاد والذي لعب لفترة طويلة دورا مؤثرا في اختيار المرشحين للمناصب السياسية. ويقول دبلوماسيون إن الصراع الخفي على النفوذ بين مجموعات سياسية وعسكرية متنافسة حدد الكثير من سياسات الجزائر بعد الاستقلال عن فرنسا. وقال جيف بوتر، المحلل بشركة نورث إفريقيا لاستشارات المخاطر، إن التعيينات في الحكومة الجديدة ستسلط الضوء على مدى تطور هذا التنافس والشكل الذي من المرجح أن تكون عليه الإصلاحات الأوسع نطاقا. وأضاف "كيف سيفعل هذا ومن سيختارهم سيسلط الضوء على سؤال دائم: هل الانتخابات ستنهي في نهاية الأمر العداء السياسي المستفحل في الجزائر أم ستؤدي إلى إطالة أمده". وتابع "الفترة الرابعة لبوتفليقة والنهائية دون شك قد تفضي إلى تغييرات سياسية حقيقية وإلا فإن الجمود الذي أعاق النمو في البلاد على مدى السنوات الثلاث الماضية سوف يستمر.