دعا المشاركون في مناظرة وطنية نظمتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب، يوم الجمعة الماضي بالرباط، إلى تعزيز الجبهة الداخلية، وإلى مزيد من التعبئة لمختلف مكونات المجتمع المغربي لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضدها. وفي هذا الإطار أكد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، النقيب حسن وهبي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة المنظمة تحت شعار "دفاعا عن الوحدة الترابية : المجتمع المدني آليات الاشتغال ورهانات الواقع"، على الموقف الثابت للمحامين المغاربة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، مجددا دعوة الجمعية إلى تأسيس جبهة وطنية حاضنة للإجماع الوطني في الدفاع عن الوحدة الترابية والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضدها. وأبرز وهبي أن المهمة الأساسية لهذه الجبهة تتمثل في القيام بعمل متواصل وطنيا وإقليميا وقاريا ودوليا، وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية، من أجل الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، وكذا المطالبة باسترجاع باقي الثغور المحتلة، مشددا في هذا الإطار على ضرورة الانتقال في التعامل مع ملف القضية الوطنية من ما أسماه " سياسة رد الفعل المناسباتي"، إلى سياسة الفعل والمبادرة اليقظة والناجعة والمستمرة. من جهته، أكد النقيب والحقوقي عبد الرحمان بنعمرو في مداخلة بعنوان "تحقيق الديمقراطية سبيل لتحقيق استكمال وحدتنا الترابية"، أن التشبث القوي للمغاربة بصحرائهم يجب أن تواكبه تعبئة كبيرة لمواجهة كافة المؤامرات التي تحاك ضدها، وما يقتضيه ذلك من استعداد للتضحية والمواجهة، معتبرا أن إنجاح هذه التعبئة على نطاق واسع رهين بتكريس الديمقراطية وتعزيز استقلالية القضاء ومحاربة الفساد، وتحقيق التنمية على كافة المستويات. وبعدما سجل استمرار الجزائر في التآمر سياسيا ودعائيا وماديا ضد المغرب ووحدته الترابية، أكد بنعمرو ضرورة توسيع قاعدة المساندين للمملكة في هذه القضية على المستوى الدولي وعدم الركون إلى ما قال إنه "مساندة مؤقتة ومحدودة النطاق" تبديها بعض الدول فقط حفاظا على مصالحها الاستراتيجية الخاصة. أما النائبة البرلمانية حسناء أبو زيد، فأكدت في مداخلة بعنوان "القضية الوطنية بين سؤال التدبير وآليات الدفاع" أن بناء الثقة في الدولة المغربية وفي قدرتها على تفعيل حكم ذاتي حقيقي بالأقاليم الجنوبية للمملكة يشكل مدخلا أساسيا للدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة، مشددة في هذا السياق على ضرورة تعزيز مسلسل الإصلاحات السياسية وتكريس دولة الحق والقانون. واعتبرت أبو زيد أن معالجة ملف الوحدة الترابية للمملكة يجب أن تنطلق من اعتباره "إشكالا أسريا"، وأن تقوم على إرساء المصالحة و"مد الأيدي إلى أبناء يعيشون في قهر المخيمات" بتندوف ولفت الانتباه إلى معاناتهم. وفي سياق متصل، انتقدت النائبة البرلمانية ما قالت إنه "مصادرة من طرف المنظومة الأممية لحق أساسي لسكان الصحراء هو الحق في التنمية"، من خلال غياب استفادة هذه الأقاليم من مشاريع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومساهمات المانحين الدوليين، والاتحاد الأوروبي، مؤكدة أنه من الضروري تمتيع السكان بهذا الحق خارج منطق النزاع. أما البشير ادخيل، وهو أحد مؤسسي "البوليساريو"، والعائد إلى أرض الوطن، فسجل "المجهودات الكبيرة" التي قامت بها المملكة لتنمية المناطق الجنوبية، والتي "لا يمكن أن ينفيها أحد"، داعيا إلى مزيد من تكريس مبادئ تكافؤ الفرص، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإرساء مبدأ الحكامة الجيدة الذي يشكل أحد المداخل الرئيسية لخدمة قضية الوحدة الترابية للمملكة. كما ذكر ادخيل في مداخلة بعنوان "الملف الحقوقي والأهداف السياسية والاستراتيجية لأجندة النظام الجزائري"، بأن المحاولات الرامية إلى توسيع مهمة بعثة المينورسو بالصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، إنما تهدف إلى النيل من سيادة المغرب على أراضيه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الجزائر تسعى من خلال الترويج لهذه المحاولات، ليس إلى الدفاع عن حقوق الإنسان كما تدعي، وإنما إلى ضمان مصالحها وتنصيب نفسها قائدة بالمنطقة. بدوره، انتقد المحامي محمد بوكرمان في مداخلة بعنوان "إشكاليات الوحدة والتجزئة في الوطن العربي، الصحراء المغربية نموذجا"، ضغط خصوم الوحدة الترابية للمملكة لتوسيع مهمة المينورسو، باعتباره يشكل تهديدا لسيادة المملكة على أراضيها، ويؤدي إلى تزكية نزعة الانفصال، ومن ثمة "كبح أي مشروع نهضوي بالمنطقة". وفي المقابل، وصف بوكرمان مبادرة المغرب منح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية، بكونها مبادرة جريئة، وإطارا حقيقيا لحل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء، معتبرا أن المدخل لتنزيل هذه المبادرة يتمثل في تفعيل مشروع الجهوية المتقدمة، الذي يتعين أن يقوم على إعادة توزيع تراب الدولة والسلطة والثروة الوطنية بشكل عادل.