أكد محمد باها، وزير الدولة، صباح أمس الجمعة، أن الأمن القانوني بصفة عامة، والأمن التعاقدي بصفة خاصة، أحد المعايير الأساسية في تقييم أداء اقتصاديات الدولة وحسن حكامتها ودرجة تنافسيتها ومدى جاذبيتها كما يتجلى من خلال العديد من المؤشرات المعتمدة دوليا في هذا الشأن. وأضاف وزير الدولة، الذي كان يتحدث نيابة عن عبد الله بنكيران، رئيس الحكومة، خلال الجلسة الافتتاحية للقاء الدولي، الذي نظمته صباح أمس، محكمة النقض والهيئة الوطنية للموثقين، بالصخيرات، حول "الأمن التعاقدي وتحديات التنمية"، أن حاجيات المتعاقدين تطورت وتنوعت على مستوى توثيق العقود، خاصة بفعل التطور الهائل لتكنولوجيات الإعلام والتواصل من جهة، وانفتاح الدول على بعضها، في إطار العولمة الاقتصادية والقانونية والثقافية من جهة ثانية. وأوضح باها أن الحاجة إلى إطار يضمن المرونة والسرعة والسلاسة في توثيق العقود مع الحرص على أمن المعاملات ظهرت في الوقت نفسه، من خلال إرساء ضوابط قانونية وآليات ومؤسسات تعطي للعقد هيبته وتضمن لآثاره القوة على النفاد. وأكد باها، في الكلمة نفسها التي ألقاها أمام عدد من المسؤولين القضائيين والموثقين والمهتمين بالشأن القضائي والقانوني المغربي والدولي والعربي والإفريقي، أهمية موضوع اللقاء، بالنظر إلى أنه يدخل في انشغالات المواطنين عامة والفاعلين الاقتصاديين، خاصة بحكم اعتماد المعاملات التجارية على التوثيق والعقود بوصفها آلية مهمة لتصريف إرادة المتعاقدين، وضبطها في عالم اتسعت فيه مجالات المعاملات وأشكال إبرام العقود وأنواعها، وأصبحت السرعة في الإنجاز والأمان في توثيق العقود أحد المتطلبات الأساسية بين الفاعلين الاقتصاديين. وأفاد وزير الدولة أن المؤسسة التشريعية المغربية انخرطت في مسلسل طويل من الإصلاحات الهادفة إلى إرساء الظروف المواتية لتوفير الأمن القانوني عامة والتعاقدي خاصة، من خلال مراجعة الترسانة القانونية وإصلاح القضاء وتأهيل مختلف المهن ذات الصلة. وأشار باها إلى أن أهمية اللقاء تأتي، أيضا، من خلال تنظيمه بشراكة بين محكمة النقض التي تضطلع بدور مهم على مستوى تحقيق الأمن القضائي، من خلال السهر على توحيد الاجتهاد القضائي وضمان ثوابته واستقراره من جهة، والهيئة الوطنية للموثقين التي تضم جانبا مهما من المهنين في توثيق العقود، الذين يتحملون إلى حد كبير مسؤولية توفير الأمن التعاقدي. من جانبه، قال مصطفى فارس، رئيس محكمة النقض، إن اختيار الأخيرة لموضوع الأمن التعاقدي يأتي "ضمن سلسلة الندوات واللقاءات العلمية التي تنظمها، إلى جانب الهيئة الوطنية للموثقين ببعد إفريقي ودولي، في إطار سياقات موضوعية متعددة ذات أهمية كبرى، أولها سياق دستوري أساسي يؤكد المكون الإفريقي والمتوسطي في الهوية المغربية، إلى جانب المكونات الأخرى". أما مصطفى مداح، الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، فدعا في كلمته بالمناسبة إلى مضاعفة عدد الموثقين ليتناسب مع عدد سكان المملكة، معتبرا أن الثقافة الشعبية تجعل المغاربة لا يتوجهون نحو توثيق العقود لدى الموثق، ما يخلق هذا النقص في عدد الموثقين، إذ أن الراهن يبرز عدم التكافؤ بين عددهم وعدد السكان. وأوضح مداح أن ذلك من شأنه التخفيف من العبء على المحاكم بخصوص ملفات التنازع حول هذه العقود غير الموثقة والمشاكل التي تنجم عنها. وذكر محمد أمين الوزاني، رئيس هيئة الموثقين، بالسياق العام للقاء، وبأهمية الأمن التعاقدي، والقانون المؤطر لمهنة التوثيق والمراحل التي قطعها، إلى حين المصادقة عليه وإعلانه، مؤكدا أن التوثيق لا يعترف بالحدود بل بمبدأ التنافسية فقط . أما دانيال سولغال، رئيس الاتحاد الدولي للتوثيق، فأكد أهمية اختيار موضوع الأمن التعاقدي، لأنه يطرح نفسه على المستوى الدولي، على اعتبار التطورات التي يشهدها العالم في المجال الاقتصادي، وتحدث عن العدد المتزايد في إبرام العقود والمشاكل الكثيرة التي تحدث بين المتعاقدين، مستشهدا بمجال العقار الذي تعج المحاكم بقضاياه كما تحدث عن تبييض الأموال. كما نوه سولغال بالتجربة المغربية في مجال القضاء والتوثيق واحترافية الموثقين المغاربة في القانون التعاقدي، ومساهمتهم المتميزة في المنتديات الدولية حول القانون التعاقدي والتوثيق الدولي وتحرير العقود. وشهد اللقاء تكريم إبراهيم الأيسر، المدير السابق للشؤون المدنية بوزارة العدل والحريات.