قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن "نظام المغرب لا يمكن أن يفصل فيه الدين عن الدولة، عكس التجارب التاريخية لبلدان أخرى" وأبرز أن المغرب طور العناصر المؤسسة لسياسة الشأن الديني وكيفها مع اختياراته في السياسة والاقتصاد، خاصة في جانب المؤسسات والحقوق دون تناقض مع المبادئ الأساسية للدين. واستعرض التوفيق، في لقاء نظمته المؤسسة الدبلوماسية، الخميس الماضي بالرباط، بحضور ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالمغرب، العناصر المؤسسة لسياسة الشأن الديني بالغرب، وخصائص إمارة المؤمنين والمبادئ والقيم المؤطرة للممارسة الدينية، وأعلن أن "هناك نظرية متكاملة مستقاة من تقاليدنا ورصيدنا في ممارسة الدين وفهمه، وأول هذه العناصر، هو اعتبار أن إمارة المؤمنين نظام سياسي ديني هو وحده المقبول في الضمير الإسلامي، وهو متحقق عندنا في المغرب"، مشيرا إلى أن "الضمير الإسلامي يتضمن هذا التصور بأن الدين والدولة أمران متداخلان". وأبرز الوزير أن مشروعية إمارة المؤمنين في المغرب تقوم على عقد مكتوب يسمى البيعة، والملك، بصفته أميرا للمؤمنين، يسهر على حفظ الكليات الخمس، المتمثلة في حماية الدين والنفس والنظام العام والأموال والعرض، مضيفا أن "علاقة الحكم بين أمير المؤمنين والأمة قائمة على عقد سياسي، يتضمن الالتزام بحماية هذه الكليات، التي تشمل كل ما يمكن أن يكون في دستور، سواء كان الدستور مفصلا أو مختصرا". وأكد أن "ضمان الدين يكون باحترام الكليات المذكورة، التي تتحكم في ضمير الناس وتصورهم للعالم والحياة"، مذكرا بأن المغرب يستند في ذلك في الالتزام، على الخصوص، إلى العقيدة الأشعرية، التي تعد عقيدة ضد التكفير بمختلف جوانبه، وبالمذهب المالكي، الذي درج المغاربة على الالتزام به. وأضاف أن ضمان إمارة المؤمنين للدين تكون إما بهذه الأمور المبدئية، وإما بالخدمات التي ينبغي توفيرها للمتدينين، بالاهتمام بالعلماء وتنظيمهم، وإيجاد المساجد وأماكن العبادة، وتأطير الأئمة والوعاظ، والاهتمام وتنظيم التعليم الديني. من جهة أخرى، ذكر التوفيق بأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أصدرت سنة 2002 عددا كبيرا من النصوص، تحدد آليات تدبير الشأن الديني بلغة القانون، حتى يحتكم إليها، بعدما كانت الضمانة تكمن في ما هو متعارف عليه في التقليد، انسجاما مع التطورات الواقعة على صعيد المجتمع. وأكد التزام إمارة المؤمنين بأن لا تصدر أي قوانين متناقضة مع نص شرعي استنفدت فيه جميع الاجتهادات، مشيرا إلى مدونة الأسرة التي شارك فيها العلماء. كما شدد على أن مميزات الشأن الديني بالمغرب تنسجم مع اختيارات المغرب في الحرية وفي التنمية والتعددية، وفي بناء مجتمع متنوع، والتعامل مع المحيط الكوني والدولي، إلى جانب الاعتناء بالشأن الديني والاستجابة لحاجيات المتدينين في الخدمات والتأطير. وتطرق إلى عدد من القضايا المرتبطة بالشأن الديني، منها تاريخ التعايش والتسامح الديني بالمملكة، وتنظيم إصدار الفتوى، وأدوار المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، والعلاقة مع وزارة الأوقاف، والتعليم الديني العتيق، وجهود المغرب في تكوين وتأطير الأئمة بعدد من البلدان الإفريقية.