أكد أحمد محمد لقمان، مديرعام منظمة العمل العربية، أن الدول العربية بدأت تطبيق استراتيجية جديدة لحل مشكلة البطالة، التي تقدر بحوالي 20 مليون عاطل عن العمل. أحمد محمد لقمان مديرعام منظمة العمل العربية قال لقمان في لقاء خاص بأبوظبي "في ظل الأوضاع التي تشهدها غالبية الدول العربية فإننا نولي موضوع تشغيل الشباب أولوية قصوى، من خلال السعي نحو الدمج بين آفاق التنمية والاستثمار وفتح المجالات أمام عمل الشباب العربي". وأشار إلى أن التركيز على قضايا التشغيل بدأ منذ سنة 2007، من خلال الربط مع ضرورة إحراز تنمية اقتصادية في الدول العربية، موضحا أنه دون تنمية حقيقية لن تكون هناك فرص عمل تستوعب ملايين الخريجين والعاطلين عن العمل. وقدر لقمان عدد العاطلين في الوطن العربي حاليا ب 20 مليونا، أي بزيادة 17 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، مبرزا أن هذا المعطى يمثل خطورة على الاستقرار الاجتماعي العربي، إلا أنه أشار إلى أن المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، الذي عقد في الرياض، أخيرا، تحت عنوان "نحو حماية اجتماعية وتنمية مستديمة" كان مهما، وذكر أن وزارة العمل بدولة الإمارات ساهمت بدور بارز وبذلت جهودا مضاعفة لإنجاح المنتدى، لكي يخرج بنتائج مهمة تخدم مسيرة التنمية والعمل في الدول العربية، خلال المرحلة المقبلة. وأشار لقمان إلي أن صقر غباش سعيد غباش، وزير العمل الإماراتي، الذي ترأس الجلسة العامة الثانية، ضمن أعمال المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل في الرياض، ألقي كلمة مهمة لفتت انتباه الجميع، لأنه أكد على ضرورة تحقيق التوازن في التنمية والتخطيط التنموي، من أجل توظيف الموارد المتاحة لتوفير المزيد من فرص العمل، إضافة إلى أن كلمة الوزير حول ضرورة أن الاستثمار في قطاعات اقتصادية واعدة، يجب أن يأتي في إطار تنويع الأنشطة الاقتصادية المنتجة، بهدف توفير فرص عمل تتناسب مع احتياجات التشغيل ببعديها الحالي والمستقبلي. وأفاد لقمان أن غباش حدد في كلمته ثلاثة محاور رئيسية دعا من خلالها الحضور إلى التركيز عليها في الجلسة التي تناقش "التنمية المتوازنة ودعم المناخ الاستثماري لخلق فرص العمل"، حيث شملت المحاور البحث في التدخلات الحكومية، التي من شأنها تطوير قطاعات النشاط الاقتصادي، المرشحة لخلق فرص عمل تسهم في معالجة ظاهرة البطالة في المدى القريب . وقال لقمان "إننا في منظمة العمل العربية نتفق مع دعوة وزير العمل الإماراتي بضرورة التدخلات الحكومية المتناسقة في مجالات الاقتصاد والتعليم والتكوين المهني والحماية الاجتماعية، التي من شأنها تحقيق المواءمة بين العرض والطلب بهدف التشغيل شبه الكامل للموارد البشرية الوطنية في المدى البعيد، استنادا إلى توقع ممنهج لاحتياجات سوق العمل المستقبلية". وأضاف "لقد عكس منتدى الرياض اهتمام القيادات السياسية العربية بأهمية ملف التشغيل العمالي، وإعطاء الشباب والخريجين الأولوية في فرص العمل حفاظا على الاستقرار الأمني والاجتماعي". وذكر أن الدول العربية لا تستطيع حاليا خلق أكثر من 2.5 مليون فرصة عمل سنويا بسبب الأحداث الراهنة والفوضي التي تشهدها بعض الدول. واستطرد موضحا أن المنطقة العربية بحاجة إلى وضع رؤية استراتيجية لمواجهة تحدي البطالة وتحقيق الحماية الاجتماعية والتنمية المستديمة، بعد أن أصبحت قضايا التشغيل ومكافحة البطالة والحد من الفقر والعدالة الاجتماعية في صدارة اهتمامات دول المنطقة. وأبرز لقمان أن "إعلان الرياض للتنمية المستديمة والتشغيل"، الذي صدر في ختام أعمال المنتدى، كان بمثابة رسالة القادة ورؤساء الحكومات العربية لدعم التشغيل في الدول العربية وطلب من أمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي وضع بند في جدول أعمال القمة الاقتصادية العربية المقرر انعقادها في تونس قريبا حول ما تضمنه "إعلان الرياض" من سياسات وخطط العمل وأسس التفاهم المشترك لتحقيق التنمية، التي تضمن زيادة التشغيل والحد من البطالة ومكافحة الفقر، وتحدد معالم تحقيق التعاون بين المنظمات العربية والدولية في هذا المجال. وأوضح أن منظمة العمل العربية انتبهت منذ وقت طويل مضى إلى خطورة ملف التشغيل، وعكفت على تنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل حول قضايا التشغيل والبطالة في المنطقة العربية، دون التركيز بما يكفي على الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والخيارات التنموية كمحددات أساسية للتشغيل، مشيرا إلى أنه تبين من خلال مختلف التجارب أن البطالة مسألة شديدة التعقيد تتجاوز في أبعادها ومُسبباتها صلاحيات وقدرات تدخّل وزارة بعينها، ما حدا بالجميع للخروج في أواخر عام 2007، بفكرة هذا المنتدى لإخراج مقاربة التشغيل من بوثقته الضيقة، إلى مقاربة أوسع تشمل الأبعاد الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتعليمية. وقال إن فكرة المنتدى هي الربط بين التنمية والتشغيل على مستوى المضامين والخطط والبرامج، وفق منظور تتكامل فيه كل المكونات، كما أنه يمثل إطارا أوسع للشراكة بين كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين ومنظمات أصحاب العمل والعمال ومؤسسات المجتمع المدني، لمعالجة قضايا التشغيل والبطالة، وفق رؤية تشاركية، وتضامنية مكتملة الأبعاد. وأضاف قائلا "على هذا الأساس عقدنا المنتدى العربي الأول للتنمية والتشغيل في دولة قطر الشقيقة فى نونبر 2008، حضره لأول مرة قيادات اقتصادية واجتماعية ومنظمات فاعلة لأصحاب العمل والعمال ومؤسسات إقليمية ودولية ثم جاء بعد منتدى الرياض". وأوضح لقمان أن المنتدى أصدر "إعلان الدوحة" داعما لهذه الرؤية الأفقية في التعاطي مع مختلف قضايا التشغيل والبطالة، إلى جانب الإقرار بالبرنامج العربي المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة، مؤكدا أنه بفضل المنتدى تمكنت المنظمة من رفع قضايا التشغيل والبطالة إلى أعلى مستويات أخذ القرار، حيث اعتمدت قمة الكويت الاقتصادية فى 2009 "إعلان الدوحة"، وأكدت هذا التوجه قمتي شرم الشيخ والرياض في 2011 و2013. وأفاد أنه في سياق التوجه الجديد لمعالجة تحديات البطالة وما تمثله من مخاطر على الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي، طلب إعلان الرياض تسهيل تنقل العمالة العربية بين الدول العربية وضمان حركة تدفق المال والبضائع. وقال إن دولة الإمارات تعطي موضوع تشغيل الخريجين من الشباب والشابات أولوية قصوى، ضمن خطة استراتيجية للتوطين، إضافة إلى قيامها بإقامة العديد من المشاريع التنموية في عدد من الدول العربية، لخلق فرص العمل لمئات الآلاف من العاطلين عن العمل في تلك الدول. وأكد أن هذه السياسة تهدف إلى تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي في العديد من الدول العربية، التي تمر بظروف اقتصادية صعبة ولمساعدة الحكومات على إعادة فرض الأمن والاستقرار . وأشاد مدير عام منظمة العمل العربية، بالانجازات التي حققتها وزارة العمل الإماراتية، خلال السنوات الماضية، وتقديم الدعم المستمر لحقوق العمال وحمايتهم وتنظيم أوضاعهم، بما يعكس الوجه الحضاري لدولة الإمارات، ومن أهم الإنجازات في هذا المجال تطبيق نظام حماية الأجور، الذي يعد أحد أهم الإنجازات والمبادرات الحكومية الرامية إلى تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بتعزيز مكانة الدولة، والالتزام بمسؤولياتها بتوفير أعلى مستوى من الرخاء الاجتماعي، عن طريق ترسيخ نمط عيش كريم، وبيئة عمل آمنة ومستقرة. وحول انطباعاته بعد الجولة التي قام بها إلى القرية العمالية "آيكاد" بأبوظبي للاطلاع على أوضاع السكن العمالي قال لقمان "إن ما رأيته يدعونا للفخر والاعتزاز بمبادرات وزارة العمل وإجراءاتها الرامية إلى ضبط العلاقة العمالية"، معتبرا أنها تعكس حرص القيادة السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة على توفير الحماية لحقوق العمال في سوق العمل. ووصف الاتهامات حول الانتهاكات العمالية بالدولة، التي تروج لها بعض الجهات الخارجية بأنها مغرضة ولها أهداف سياسية بحتة.