أطلق المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) تقريره عن "البيئة العربية في مؤتمره السنوي الحادي عشر الذي افتتح اليوم الخميس بأحد الفنادق ببيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وحضور فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء اللبناني السابق، نيابة عن الحريري. وأكد نجيب صعب، الأمين العام المنتدى العربي للبيئة والتنمية خلال افتتاح أشغال المؤتمر حول موضوع "تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية" أنه "بعدما شخصت تقارير أفد على مدى عشر سنين وضع البيئة العربية واقترحت حلولا ساهمت في تطوير السياسات البيئة في المنطقة، دقت اليوم ساعة العمل". وأضاف صعب "لا شك أن تحقيق أهداف التنمية والانخراط في المساعي الدولية لرعاية البيئة ومواجهة التغير المناخي تتطلب أساسا سياسات وخططا ملائمة، لكن التنفيذ يستدعي في نهاية المطاف إيجاد مصادر التمويل المناسبة". وكشف الأمين العام ل "أفد" أن الفقر يهيمن على مائة مليون نسمة في البلدان العربية، وانعدام الأمن الاقتصادي يتفاقم مع ارتفاع مقلق لمعدلات البطالة التي تجاوزت 15 في المائة من السكان، وتصل في صفوف الشباب إلى 30 في المائة، ولم تتمكن الاقتصادات العربية وفق هيكلتها الحالية من خلق 50 مليون وظيفة جديدة يتوقع أن تكون مطلوبة بحلول سنة 2022. كما تحدث عن أزمة الموارد المائية التي تواجه معظم البلدان العربية، مشيرا إلى أن أكثر من 45 مليون نسمة يفتقرون إلى مياه نظيفة وخدمات صحية مأمونة، بالإضافة إلى مشكل الأمن الغذائي ذلك أن الفجوة الغذائية بلغت نحو 40 مليون دولار سنويا مع ازدياد الوضع بسبب تغير المناخ والحروب والنزاعات. وكشف المتحدث نفسه أن نحو 60 مليون نسمة في البلدان العربية تفتقر إلى خدمات طاقة حديثة، موضحا أن تقرير أفد أكد أن تحقيق المحتوى البيئي لأهداف التنمية المستدامة يتطلب 230 مليون دولار سنويا، وأن الفجوة التمويلية تصل إلى 1.5 تريليون دولار. ومن جهته طالب عدنان بدران، رئيس مجلس الأمناء ل "أفد" الحكومات العربية إلى إدارة الموارد البشرية و المالية والطبيعية بكفاءة عالية، والقضاء على الفساد وإنشاء شراكة بين القطاع العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وإحلال السلام والدبلوماسية النشطة لحل النزاعات القائمة في دول المنطقة. كما طالب بدران بتوجيه المساعدات الإنمائية والاستثمارات الخارجية وتبني سوق الكربون وإصدار السندات الخضراء وغيرها لتمويل التنمية المستدامة. ومن جانب آخر، أبرز الرئيس فؤاد السنيورة، أن التلاؤم مع التغيرات والتحولات الحاصلة يتطلب نهج الإصلاح الحقيقي والجذري، والذي يقتضي بدوره تأمين الإرادة السياسية والمجتمعية، وكذلك الجرأة والشجاعة في تبني وتنفيذ السياسات والمعالجات الاقتصادية والإنتاجية والمالية والإدارية، وذلك يقول من أجل الإسهام في تحقيق استخدام أفضل وأرشد وأكثر عدلا للموارد الطبيعية والإمكانات المتاحة وتوجيهها نحو القطاعات الإنتاجية. وأضاف السنيورة أن المساعدة والتشجيع على إجراء تعديلات في أنظمة دعم الأسعار من أجل تحقيق إدارة أفضل للموارد الطبيعية والإمكانات المتاحة خاصة في قطاعي المياه والطاقة، ثم إجراء الإصلاحات الضرورية لتطوير وتعديل الأنظمة الضريبية. وأما في ما يتعلق بتدبير التمويل فشدد الرئيس نفسه على أنه أصبح لزاما على القطاع المصرفي العربي أن يدرك أنه لم يعد بمقدوره مواكبة التغيرات والتحولات الجذرية الحاصلة في مفهوم وأساليب التنمية المستدامة، لهذا، يؤكد على أن هناك حاجة ماسة لوضع الأطر التنظيمية والرقابية والسياسات المالية العامة لتشجيع القطاع الخاص والقطاع المصرفي على المشاركة في اعتماد الخطط البعيدة المدى لولوج الاقتصاد الأخضر. ويشارك في المؤتمر نحو 400 مندوب من عدد من البلدان، يمثلون الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والشركات وهيئات المجتمع المدني والمؤسّسات الأكاديمية، وتخلله اجتماعات يعقدها "منتدى قادة المستقبل البيئيين"، يشارك فيها 60 طالبا من الجامعات الأعضاء في "أفد" حول العالم العربي، كما يعقد ممثلو هيئات المجتمع المدني اجتماعات لمناقشة مواضيع المؤتمر، ويقدمون مقترحات وتوصيات إلى الجلسة الختامية العامة. يشار إلى أن الافتتاح حضره وزراء ونواب وديبلوماسيون ورؤساء جامعات ومنظمات ووفود من صناديق التنمية العربية، وعدد كبير من رجال الأعمال ورؤساء الشركات والباحثين والهيئات الأعضاء في "أفد".