إلهام أبو العز ومصطفى بنجويدة نظمت مجموعة لوماتان اليوم الجمعة الدورة الثالثة ل "منتدى المغرب اليوم" بالدارالبيضاء حول موضوع رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتنمية المشتركة "الفوارق الجهوية: منظومة اقتصادية من أجل تنمية منسجمة". ووضعت أشغال المنتدى، الذي حظي بإجماع المشاركين على الإشادة بأهمية المحاور التي تناولها هذا الملتقى الدولي إلى جانب المستوى العالي للتنظيم، المغرب وأفريقيا كالعادة في صميم تنفيذ الحلول للقضايا الاجتماعية والاقتصادية والانتظارات الملحة للأفراد. وانطلقت فعاليات المنتدى المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، بالكلمة الافتتاحية لمحمد الهيتمي الرئيس المدير العام لمجموعة لوماتان، الذي أكد أن تسريع مخطط الجهوية المتقدمة يتطلب كما جاء في الخطاب الملكي السامي انخراط جميع القوى الحية وتظافر جهود الدولة والمجتمع المدني. وأضاف الهيتمي أن رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتنمية المشتركة تلهم المواضيع المتناولة سنويا بمنتدى المغرب اليوم. واستحضر بهذا الخصوص ما جاء في خطاب صاحب الجلالة المنتدى الثاني للجهات يوم 16 نونبر 2017 ، حيث قال سموه "إنه ورش ضخم، يقتضي انخراط مختلف الفاعلين، والتزام كافة القوى الحية، والهيئات الاجتماعية، في بناء هذا الصرح الكبير، والتحلي بروح المسؤولية العالية، ومواكبة مختلف مراحله بما يلزم من التعبئة والاقناع. كما ينبغي التسلح بقدر كبير من الإصرار، ونهج سبل الحوار والتواصل، من أجل الاستثمار الأمثل للإمكانيات الهائلة التي يوفرها الإطار المؤسساتي والقانوني، والاستفادة من آثاره الايجابية. إن اعتماد هذه البيداغوجية الجديدة، القائمة على مبدأي المسؤولية والتشارك، وتبني هذا النمط الجديد من العلاقات، لمن شأنه أن يمكن منتخبي الجماعات الترابية من السير قدما في دينامية التغيير، ورفع التحديات، وتحقيق تطلعات ناخبيهم، وكذا إعطاء الأجوبة الناجعة لانتظارات المواطنين". واعتبر في سياق حديثه أن "منتدى المغرب اليوم" أخذ بعين الاعتبار الالتزامات المعبر عنها خلال الدورة السابقة ببلورة كتاب وثيقة تحت عنوان "كاب 2022- معا من أجل ريادة أعمال اجتماعية بالمغرب"، يتضمن التوصيات الصادرة بشأن ريادة الأعمال الاجتماعية. ويحدد الكتاب أهم المحاور التوجيهية ويقترح الخطوط العريضة لمدونة ريادة الأعمال الاجتماعية، التي تتماشى مع الواقع المغربي ومتطلبات الألفية. وأوضح أن الندوة تنعقد في سياق دولي يتسم باضطرابات واختلافات النظام العالمي التي تبلورت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أنه من الخطأ الفادح سيكون الاعتقاد بأن هذا الوضع غير المسبوق لن يكون له أي تأثير على اقتصاديات الدول الناشئة أو في طريقها للنمو. "لا يمكن رفع التحديات التي نواجهها بدون إصلاحات داخلية عميقة، بما في ذلك الجهوية". وأفاد الرئيس المدير العام أن الجهوية تحمل في طياتها نقاطاً أساسية لإقلاع اقتصادات المملكة والمتمثلة في "الحكامة الجيدة، الإدارة الناجعة، اللاتمركز، اللامركزية، التخطيط الاستراتيجي، الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام". واعتبر في سياق كلمته أن نموذج تدبير الأقاليم، المستند إلى مركزية القرار ومقاربة المدينة التي لا تدمج البعد الجهوي، بلغ حدوده، ويتجلى ذلك في معاناة السكان مع مشاكل التنقل، وجودة الهواء وتدبير النفايات، والسكن غير اللائق، والولوج إلى الماء والكهرباء، والهشاشة إن "لم نقل ضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل المستشفيات أو المدارس". وخلص الهيتمي إلى أن الوقت حان لملاءمة السياسات القطاعية بحسب خصوصيات كل جهة، وإعادة التفكير في التنمية الحضرية وإعادة تحديد الدور المحرك الذي ينبغي أن تقوم به الحواضر في إطار جهوي، وأيضا تعزيز الخدمات العمومية في المناطق القروية وتدعيم الروابط بين المجالات الحضرية والقروية، وكذا لتقوية الحكامة التي تأخذ بعين الاعتبار أيضا المتطلبات على المدى الطويل، خاصة الاستدامة والجوانب البيئية.. واستشهد الهيتمي باستطلاع حديث (مارس 2018) أجراه مركز الظرفية الاقتصادية على عينة تمثيلية من النسيج الصناعي المغربي، والذي خلص إلى أن 75,6 % يعتبرون أن التنمية الجهوية وتقليص الفوارق يجب أن يشكلا الأولوية الأولى في نموذج التنمية المغربي الجديد، كما يعتقد 2/3 أي 66,7 % أن الدولة لها دور مصاحب و50 % دور قيادي. وأخيراً، تتمثل الأولوية الثانية التي ذكرها الصناعيون هي تسريع الإصلاحات، لا سيما تلك المتعلقة بأداء الإدارة واللامركزية، حيث يتمثل الاهتمام الأول في التعليم والتكوين. وشهدت أشغال أمس العديد من اللحظات القوية مثل عرض أشغال الورشات المنعقدة أول أمس الخميس، ورشة عمل للمفكرين الشباب، سبعة من المشاركين الشباب من عدة دول من أوروبا وأفريقيا عملوا ليوم كامل لتقديم عناصر للإجابة عن العلاقة وتأثير الجهوية المتقدمة على انتظارات الشباب واهتماماتهم. كما تم تقديم خلاصة أشغال الاجتماع الاستراتيجي الإفريقي الذي يرأسه السفير فتح الله السجلماسي، والذي أتاح عقد لقاء غني بين عمداء المدن الإفريقية ورؤساء الجهات بالمغرب، وكريم العيناوي (المدير العام لمركز الدراسات السياسية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط)، ويونس أبو أيوب (كبير مستشاري الأممالمتحدة). وقام هذا الاجتماع بتشخيص للجهوية، مؤهلاتها ومزاياها وتكوين سلسلة من التوصيات والمبادرات المرتقبة لتسريع وتعزيز إمكانات الجهوية، والتي سيتم تقاسم خلاصاتها خلال الاختتام. وشهدت هذه الدورة الثالثة العمل على تجديد تجربة الهاكاثون مع حفل توزيع الجوائز، فضلا عن اقتران الهاكاثون بالكرياثون الذي كان طموحه الأساسي هو تقديم حلول تطبيقية لاختيار مسار الجهوية الذكية، على أساس مقاربة مبتكرة توفق بين التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتي ستسمح بدمج التقنيات وفق مقاربة شمولية أكثر ل "الجهة الذكية".