أصدرت مجموعة «لوماتان » مؤلفا يتضمن أهم الخلاصات والتوصيات والملاحظات المنبثقة عن الدورة الثانية ل «منتدى المغرب اليوم » المنظمة من قبل المجموعة تحت شعار «معا من أجل النهوض بريادة الأعمال الاجتماعية بالمغرب .» افتتاحية هذا الإصدار بقلم محمد الهيتمي، رئيس «منتدى المغرب اليوم »، إحاطة دقيقة ورصدا شاملا للعوامل المبلورة للتفاوتات الاجتماعية والهوة الرقمية بين البلدان، مع تركيزها على أنجع السبل لبلوغ الأهداف المتوخاة من أجل ازدهار شامل للمجتمعات. وأفاد محمد الهيتمي في الافتتاحية التي تحمل عنوان «ريادة الأعمال الاجتماعية: البديل؟ »، أن بداية هذا القرن اتسمت بمساءلة عميقة للنماذج الاقتصادية والتنموية، مبرزا أن هيمنة العولمة والتطور السريع للتكنولوجيات الحديثة أحدثا نوعا من القطيعة، أدت إلى إعادة توزيع الأوراق وظهور نماذج غير مسبوقة في مجال خلق الثروات، مستشهدا في هذا الجانب بالنمو الملحوظ وأنماط الإنتاج والاستهلاك الجديدة، التي تفرزها الرقمنة، ومراكز البيانات الكبرى، والحوسبة السحابية والمنصات الرقمية. واعتبر محمد الهيتمي أن مفهوم الزمان والمكان أصبحت له أبعاد جديدة، موضحا أن الأتمتة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيات أفضت إلى منح تحديد جديد لمفهوم العمل. وأكد الهيتمي بعد تطرقه إلى بعض المشاكل التي رافقت بداية هذا العهد الجديد وكانت مصدرا لمعاناة العديد من البلدان حتى تلك الواقعة في الضفة الشمالية، التي لم تكن مهيأة لهذه التحولات الراديكالية في نظم الإنتاج وإفراز الثروات، مضيفا أن الأزمة الاقتصادية والمالية لسنة 2008 ، أظهرت بالواضح فداحة الفوارق الاجتماعية والرقمية بين البلدان المزدهرة والفقيرة، وأيضا بين الفئات الاجتماعية من البلدان نفسها. وفي ما يخص المغرب، أكد محمد الهيتمي أنه هو الآخر لم يبق في منأى عن هذه التحولات، حيث حاول اعتمادا على إمكانياته تخفيف آثار وانعكاسات هذا الوضع، حيث جرى تحقيق نجاحات على مستويات مختلفة من قبيل المهن الجديدة للمغرب، وجاذبية كبار المستثمرين، لكن الملاحظ هو أن هذا النموذج التنموي حسب الجميع واعتبارا لعدد مناصب الشغل المحدثة وخلق الثروة لا يمكنه تحقيق كل النتائج المتوخاة. كما أن النسيج الإنتاجي لا يمكن من تقديم عرض تصديري يستجيب للانتظارات والطموحات المعبر عنها. وانطلاقا من هذه الملاحظة وتأسيسا على الإشكاليات التي تطرحها، خلص محمد الهيتمي في تقديم هذا الإصدار، إلى أن مجموعة «لوماتان » وفي إطار اهتماماتها بالمسارات والتوجهات الجديدة لريادة الأعمال ضمن المنتدى السنوي «منتدى المغرب اليوم »، الذي أضحى يمثل موعدا لا محيد عنه لالتقاء شخصيات من المغرب والخارج من عالم السياسة والمجتمع المدني، والمؤسسات الدولية، والأكاديميين والباحثين، للنقاش والتبادل بغية الاستلهام من رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس الرصينة والسديدة في المجالات التنموية، مبرزا أن المنتدى شكل برسم الدورة السابقة المنعقدة في 7 يوليوز 2017 أرضية لمناقشات بناءة حول موضوع ريادة الأعمال الاجتماعية. وأشار محمد الهيتمي إلى أن اختيار مثل هذه المواضيع يؤكد دور «لوماتان » كمجموعة إعلامية مواطنة، تحفزها المساهمة في تعزيز رافعات نمو المغرب، طبقا لرؤية جلالة الملك: مغرب مزدهر حيث ينعم الجميع بحياة كريمة. وذكر محمد الهيتمي أن دورة 2017 شهدت تنظيم عدة ورشات جمعت مقاولين اجتماعيين، وممثلي المنظمات غير الحكومية المغربية الفاعلة في هذا المجال، وأساتذة باحثين ومسيري مراكز احتضان وإيواء المقاولات الناشئة. وأورد رئيس «منتدى المغرب اليوم » أن الملتقى وبالنظر إلى أهمية المداخلات والخلاصات والتحاليل التي عرفها، مكن من وضع خارطة طريق من أجل منظومة ريادة الأعمال الاجتماعية، من شأنها أن تساهم في جعل بلدنا في أقل من عشرية واحدة إلى مصاف رواد المقاولة الاجتماعية، كما تمثل خارطة الطريق هذه إجابة ذات مصداقية على تساؤلات 3 ملايين شاب مغربي غادروا مقاعد الدراسة ولم يتابعوا أي تكوين أو تدريب. يشار إلى أن «منتدى المغرب اليوم » تعزز بمركز للتفكير أطلق عليه اسم « معهد الدارالبيضاء للسلام الإيجابي والازدهار الشامل » يركز بحثه على الانشغالات التي سادت الرأي العام العالمي عقب الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 2008 ، التي تسببت في تعميق الهشاشة، حيث يجعل العامل الإنساني في صلب التنمية المستدامة، ودور القطاع الخاص في تعزيز التنمية المستدامة والازدهار الشامل. ويحرص مركز التفكير لمجموعة «لوماتان » على تحفيز القطاع الخاص على الانفتاح والاهتمام أكثر بعوامل أساسية جدا، ويتعلق الأمر بالمشاريع المحترمة للبيئة والمشاريع العادلة، التي تضع العامل الإنساني في صلب اهتماماتها، مع دعوة للاستثمار في الازدهار الشامل. ويشتغل في إطار تعاون وثيق مع المنظمات غيرالحكومية، وجمعيات المجتمع المدني، والمقاولات، والقطاع العام، ومنظمات دولية، على اعتبار رصيدها في إدراك وتحليل كوابح التنمية المستدامة بإفريقيا، من أجل تجاوزها تحقيقا للأمن والسلام والازدهار الشامل. كما يركز على الاهتمام برؤية الشباب الإفريقي للتنمية المشتركة، إذ يؤمن المركز أنه لا يمكن لإفريقيا أن تتقدم دون شبابها. ويعد المركز مبادرة تأتي في سياق الحرص الهادف إلى ضمان استمرارية عملية وناجعة للتفكير المشترك في القضايا الراهنة التي يطرحها منتدى «موروكوفوروم توداي » منذ انطلاقته، لإيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها على المستوى المحلي والقاري، وينخرط هذا التوجه في إطار تجسيد السعي الحثيث من أجل بلورة رؤية مشتركة ومتوافق بشأنها لرفع التحديات تأسيسا على التجارب والشراكات الوطيدة بين بلدان القارة. ويشكل المركز أرضية للقاءات والحوار بين القطاعين العام والخاص، والشركاء الجامعيين، والفاعلين الاقتصاديين، والمنظمات الدولية والمجتمع المدني الوطني والدولي، وهو بذلك أرضية للإنتاج الفكري في أفق جيو استراتيجي، يرمي إلى ترسيخ وتعميق وإغناء التفكير الهادف إلى خدمة قضايا التنمية المشتركة في شموليتها. وشكلت نسخة 2017 للمنتدى الذي شهد حضورا قويا لفعاليات من المغرب والولايات المتحدةالأمريكية وأوروبا وإفريقيا، إلى جانب هيئات ومنظمات دولية وازنة، مرة أخرى مناسبة أكد خلالها الرئيس المدير العام لمجموعة «لوماتان » على أن الرؤية الملكية المتعلقة بتوجه المغرب نحو قارته، تقع في صلب كل الاستراتيجيات المعتمدة من قبل المملكة، مبرزا أن مجال تنمية ريادة الأعمال، الذي هو من بين محاور الرؤية الملكية للدفع قدما بمبادرات التنمية وخلق الثروات والشغل، أضحى إحدى رافعات النمو الاقتصادي المستدام، على مستوى المغرب والقارة الإفريقية. واعتبر الهيتمي أن المنتدى يعد منصة للتوقف عند فكر جلالة الملك حول قضايا التنمية المشتركة المرتكزة على ريادة المشاريع الاجتماعية، وإعطاء فرصة لمناقشة التحولات العميقة بالمملكة في مجال ريادة المشاريع الاجتماعية، وتحديد المقاربات الجيدة والتجارب الناجحة في هذا المجال.