- متى بدأت مسيرة أنس مسطع في فن السماع والمديح؟ البداية كانت منذ الطفولة، لأن طبيعة عائلتي كانت محافظة، وكانت التربية التي تلقيتها على أيدي أبي عن طريق منهاج الصوفية، إذ أنه كان من حاملي كتاب الله ومن مادحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من رجال التعليم.
ما العلاقة بين فن السماع والمديح والزوايا؟ العلاقة بين فن السماع والمديح والزوايا هي علاقة تكامل وجزء لا يتجزأ بينهما، فالتصوف يهدي إلى تربية النفس والخلق الحسن، وهو الشيء الذي يهدف إليه الإنشاد على جميع مستويات المقاصد التي تروم إليها جميع القصائد الإنشادية، من كلام ينشد تصحيح الأخلاق وتهذيب النفوس والتركيز على جعل الصحبة محبة أهل الله وصحبة الصالحين والفقراء ومريدي جميع الطرق الصوفية، وهو أمر أساسي يجب أن يتحلى به كل منشد، لأنه في النهاية كما قال الإمام البصيري رحمه الله "وكلهم من رسول الله ملتمسون غرقا من البحر أو رشفا من الديم"، فلا يمكن أن تكون منشدا إلا عن طريق صحبة أهل الله من المتصوفة.
وماذا عن فن السماع في المغرب؟ عندما ينشد المنشد بقلبه يجد نفسه يغذي روحه قبل أن ينعش روح المستمع، والسماع المغربي بالخصوص هو فن يتركز بالأساس على مخاطبة الروح والوجدان، سواء كان مدحا أو وصفا لذات الرسول صلى الله عليه وسلم، أو لشمائله، أو لحسن خلقه أو لمعجزاته، فتجد نفسك في عالم غير الذي أنت فيه، ويغمرك إحساس يعجز اللسان على وصفه ليتحقق بذلك معاني الوصول والاتصال أمام حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال الشاعر: نحن في حضرة الرسول جلوس......هذه يقضة أم منام.
أو كما يقول أيضا سيدي عبد الرجمان المجدوب رحمه الله في إحدى قصائد شعر الجزل أو برولة. غيبت نظري في نظره وفنيت عن كل فاني حققت ما وجدت غيره ومشيت في حالي هاني
هل هناك بعض الإكراهات التي تواجهها مجموعات الإنشاد في بلدنا؟ من الإكرهات أن هناك العديد من الشباب الذين يلجؤون لتشكيل مجموعات إنشادية ليأخذوها حرفة عن طريق التعلم من الأشرطة، التي تباع في الأسواق، ما يؤدي بهم عن أخذ هذا الفن بطريقة غير صحيحة لا تجد فيها روح السماع الحقيقي، لأنه، كما أشرنا في السابق، لابد للمنشد أن يمر بالزوايا وأخذ هذا الفن عن يد شيوخ ورواد هذا الفن بشكله الصحيح، لكي تتحقق فيه صفة المنشد. كما أن هناك إكراها آخر تواجهه المجموعات التي تود إشهار وإشعاع هذا الفن، خصوصا في المدن الصغرى، إذ قليلا ما تجد السند والدعم من المصالح الإدارية للشؤون الثقافية أو المسؤولين عن هذا القطاع، للأخذ بيدهم ماديا ومعنويا.
- هل ترى أن فن الإنشاد سيكون عليه إقبال في المستقبل؟
مادام فن السماع والإنشاد بشكل عام يحظى برعاية من ملكنا محمد السادس نصره الله، ومادام هناك الإقبال الكبير الذي نراه في الآونة الأخيرة من طرف الشباب، ومادام هناك أيضا رعاية من شيوخ السماع بالمغرب والتشجيع الذي نلقاه من شيوخنا حفظهم الله، ونذكر منهم عميد المادحين الشيخ سيدي علي الرباحي، والشيخ سيدي محمد عز الدين، والشيخ سيدي محمد بنيس، وشيخنا عبد المجيد الصويري، الذين لم يبخلوا علينا يوما بإمدادنا بكل المعلومات الفنية والأدبية، فإنني أقول إن هناك تفاؤلا كبيرا بخصوص هذا الفن الذي يغرف من الموروث الروحاني لبلدنا العزيز.