"إننا أمام استحقاق كبير دقت فيه ساعة الحقيقة وولى فيه عهد اللامسؤولية. لا أحد أكبر من القانون ولا أحد فوق المحاسبة"، بهذه العبارة اختار مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والرئيس الأول لمحكمة النقض، 19 مسؤولا قضائيا جديدا بينهم 3 نساء، ممن تولوا مناصب المسؤولية بالرئاسة والنيابة العامة بمحاكم الاستئناف والابتدائية للمملكة، كأول فوج من المسؤولين يعين بعد تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وتوجه فارس في كلمته خلال حفل استقبال هؤلاء المسؤولين، الاثنين، بمحكمة النقض، بالسؤال قائلا "من هو المسؤول القضائي الذي نريده اليوم؟ وما هي الانتظارات التي يتطلع إليها الجميع منه؟، مجيبا على ذلك بأن "المسؤول القضائي الذي نريده اليوم مطلوب منه أن يكون قاضيا متمرسا محنكا رزينا يؤطر العمل القضائي بدائرته ويكرس الأمن ويحمي الحقوق والحريات ويسهر على تطبيق القانون بشكل عادل وداخل آجال معقولة". وأضاف فارس قائلا "المسؤول القضائي اليوم ملزم أن يكون ذا تجربة إدارية تؤهله لتدبير العلاقات مع كافة الفاعلين الإداريين والمؤسسات المشاركة في إنتاج العدالة، وتبسيط الإجراءات والمساطر والمساهمة في ورش التحديث بكل انفتاح وإبداع". وشدد المتحدث في جوابه على أن "المسؤول اليوم مطلوب أن تكون لديه القدرة على التواصل والمواكبة والإشراف والتتبع لكل التفاصيل والجزئيات بدائرته دون أي تهاون أو إهمال ومواجهة المشاكل بكل حزم ونجاعة"، معتبرا إنه " لم يعد اليوم مقبولا أو مستساغا ذاك المسؤول الذي يلازم كرسيه ويغلق عليه أبواب مكتبه". وأكد الرئيس الاول أن المسؤول القضائي بمغرب اليوم، لابد أن يعبر عن إرادة حقيقية وتجاوب فعال مع كل الانتظارات "انتظارات المتقاضين والقضاة والمهنيين والمؤسسات وجميع الفاعلين"، قائلا وهو يوجه خطابه لهؤلاء المسؤولين الذين حضروا إلى بهو القاعة الكبرى بمحكمة النقض "ابنوا جسورا للتواصل وحصنوا عملكم بالقيم والممارسات الفضلى، وكرسوا روح الفريق الواحد والأسرة الموحدة، رئاسة ونيابة عامة، قضاة وكتابة ضبط ومهنيي العدالة". وبعد سرده للتحديات الكبرى والمواضيع الشائكة ذات الراهنية التي تهم مستقبل السلطة القضائية والعدالة بالمغرب، أكد فارس أن المشاريع التنموية الكبرى التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس "تطالبنا بأن تكون المحاكم اليوم فضاءات لإنتاج عدالة مسؤولة ناجعة فعالة، عدالة قريبة إنسانيا وجغرافيا من الانتظارات، عدالة مؤهلة لمواجهة كافة التعقيدات والصعوبات"، مسترسلا بالقول "محاكم تكون محلا لفض النزاعات لا لتعقيدها، وفضاءات لتكريس الثقة والاطمئنان لا الشك والالتباس. وهي أهداف لن نصلها بالأماني أو التسويف والتراخي".