في إطار حرصه على إبراز التنوع الثقافي واللغوي للمغرب، يقدم المهرجان الوطني للفيلم في دورته الخامسة عشرة، أربعة أفلام أمازيغية، ويتعلق الأمر ب"تاونزا" لمليكة المنوك، و"حب الرمان" لعبد الله تكونة الشهير بفركوس، و"أراي الظلمة" لأحمد بايدو، و"سليمان" لمحمد البدوي. جانب من فعاليات المهرجان الوطني للفيلم وتعكس الأفلام الأربعة، حسب المنظمين، نضج السينما الأمازيغية، التي تطورت في السنوات الأخيرة بفضل الدعم الذي يخصصه المركز السينمائي المغربي للسينما. ويندرج عرض الأفلام الأمازيغية، حسب تصريحات استقتها "المغربية" من مخرجي هذه الأفلام، ضمن الاهتمام المتزايد بالثقافة الأمازيغية، باعتبارها مكونا أساسيا للهوية المغربية. وفي هذا السياق، قال مخرج فيلم "سليمان" محمد البدوي، في تصريح ل"المغربية" إن اللغة المنطوقة تبقى مسألة ثانوية بالنسبة إليه، لأنه يكتب أعماله بالكاميرا، مشيرا إلى أن لغة السينما هي لغة الصورة، بدليل أن الفن السابع بدأ صامتا. وأوضح البدوي أنه حاول في فيلمه الناطق بالريفية التركيز على الصورة من خلال إبراز أحاسيسه كمخرج وممثل، وأحاسيس كل الممثلين الذين شاركوا معه في الفيلم، لأن الأحاسيس لغة كونية يفهمها الجميع. وحرصا منه على خدمة السينما المغربية، أكد البدوي أنه سيعمل على عرض فيلمه بالعربية والريفية والإسبانية لتقريبه من المشاهد العادي، رغم أن الأمر مكلف، مؤكدا أنه أنجز فيلمه الأول بالاعتماد على إمكانياته الذاتية فقط، ولم يستفد من أي دعم عمومي. وتدور أحداث الفيلم، التي صورت بمدينة الحسيمة، حول أسرة ريفية تنهار بسبب سائحة إسبانية تدعى "إيفا". بعد فترات سعيدة تعيشها الأسرة الصغيرة، المكونة من "سليمان" وزوجته "عائشة"، وابنه "إسماعيل"، تظهر "إيفا" لتغوي رب الأسرة، وتبدأ معاناة الزوجة، والابن عند اكتشاف إصابته بداء سرطان الرئة. وما بين الخيانة ومرض الابن القاسي، تحاول عائشة الاحتفاظ بالزوج، لكن الأخير يضيع وينقاد لحبال إغراء السائحة الأجنبية، فتقرر الانتحار بتجرع السم هي وابنها، في الوقت نفسه الذي تتخلى السائحة الإسبانية عن الأب، الذي يخسر كل شيء. من جانبه، قال عبد الله تكونة، الشهير بفركوس، في تصريح مماثل، إن فيلمه الجديد"حب الرمان" يمثل السينما الأمازيغية، التي يعمل المركز السينمائي المغربي على دعمها تفعيلا لمضامين الدستور المغربي، الذي ينص على أن الأمازيغية لغة وطنية يجب أن تأخذ حقها من التداول فنيا وثقافيا. وهذا لا يعني، حسب فركوس، التعصب للأمازيغية، بدليل أن الفيلم سيكون مصحوبا بسطرجة أو دبلجة بالعربية بالنسبة للعروض التجارية، حتى يتمكن جميع المغاربة من مشاهدة الفيلم، مشيرا إلى أنه أخرج بالإضافة إلى فيلميه الأمازيغيين "سوينكم" و"حب الرمان" فيلما جديدا بالدارجة العربية بعنوان "الفروج". وبخصوص تعامل الممثلين مع الأمازيغية، أكد فركوس أنه لم يجد صعوبة في العمل مع أي واحد منهم، لأنهم من أصول أمازيغية، مشيرا إلى أن الفنان الحقيقي هو الذي يستطيع التأقلم مع أي عمل سواء كان بالأمازيغية أو العربية أو بأي لغة أخرى، لأن السينما هي لغة الصورة التي تحتاج إلى الكثير من الإحساس والقليل من الكلام. وأكد فركوس حصوله على دعم المركز السينمائي المغربي لفيلم "حب الرمان"، الذي تجاوزت ميزانيته 550 مليون سنتيم. من جهتها اعتبرت مخرجة فيلم "تاونزا" مليكة المنوك، أن السينما الأمازيغية تطورت في السنوات الأخيرة بفضل الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي المغربي، والاهتمام المتزايد بكل مكونات الهوية المغربية (أمازيغية وحسانية...)، معبرة عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان الذي اعتبرته عرسا وطنيا للسينما المغربية بكل مشاربها.