في سياق الاهتمام الموصول لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختار جلالته العاصمة الاقتصادية لاحتضان "المركز المالي للدارالبيضاء، كإشارة قوية على إرادة راسخة لتكريس مكانة هذه الحاضرة جهويا ودوليا. وفي خطاب جلالته بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة، يوم الجمعة 11 أكتوبر 2013 بمقر البرلمان قال جلالة الملك متحدثا عن مدينة الدارالبيضاء "فقد خصصت لها أولى زياراتي سنة 1999، مباشرة بعد جلوسي على عرش أسلافي المنعمين، بل ومنها أطلقت المفهوم الجديد للسلطة. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحرص على القيام بجولات تفقدية لمختلف أحيائها للوقوف على أوضاعها. كما أتابع مختلف البرامج والمشاريع الهادفة لتجاوز الاختلالات التي تعيشها". واعتبارا لمكانة الدارالبيضاء كقاطرة للتنمية الاقتصادية، فإن هناك إرادة قوية لجعلها قطبا ماليا دوليا. إلا أن تحقيق هذا المشروع الكبير لا يتم بمجرد اتخاذ قرار، أو بإنشاء بنايات ضخمة، وفق أرقى التصاميم المعمارية. بل إن تحويل الدارالبيضاء إلى قطب مالي دولي يتطلب، أولا وقبل كل شيء، توفير البنيات التحتية والخدماتية بمواصفات عالمية، وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، وإيجاد إطار قانوني ملائم وتكوين موارد بشرية ذات مؤهلات عالية واعتماد التقنيات وطرق التدبير الحديثة". ومن هذا المنطلق، فإن هذا المشروع الواعد والطموح، لا بد أن يشكل محطة أخرى في تطوير هذه الحاضرة والمشهد المالي بالمغرب وإفريقيا وحتى عالميا، بالنظر إلى الأدوار التي سيلعبها على أكثر من صعيد. ويرى مراقبون أن مشروع "المركز المالي للدارالبيضاء" يهدف أساسا إلى أن تصبح الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية والمالية مركز خبرة بإمكانه تسهيل الاستثمار بشمال ووسط وغرب القارة الإفريقية ودول الخليج العربي. وسيعجل هذا المشروع الرائد، من التحفيز على تعزيز مختلف البورصات المحلية والرفع من السيولة وتعبئة الرأسمال المالي والبشري الضروريين لإقلاع القطاع المالي الإفريقي، ومن المؤكد أن هذه المبادرة الكبيرة، وهذه الخطوة التي ستكون حاسمة في تموقع الأسواق المالية الإفريقية على وجه الخصوص، فإن المغرب بوابة القارة الإفريقية سيستمر في جذب المستثمرين من كافة أنحاء العالم، كما أن التوسع ذا القيمة المضافة، للبنوك المغربية، وعلى رأسها التجاري وفابنك، والبنك المغربي للتجارة الخارجية، في غرب إفريقيا ووسطها، سيساهم في رسم معالم مستقبل زاهرة على مستوى المشهد المالي الإفريقي ككل، خاصة مع التوجهات الناضجة والطموحة، التي ستنبثق من خارطة طريق التي سيرسم معالمها "المركز المالي للدارالبيضاء". وسيمكن "القطب المالي للدارالبيضاء"، من زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2 في المائة سنويا، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتمويل مشاريع اقتصادية محلية، والتحول إلى قطب إقليمي في القارة الإفريقية. ويدخل "المركز المالي للدارالبيضاء" في سياق استراتيجية مالية واقتصادية استباقية، ترنو إلى جعل المملكة مركزا إقليميا ودوليا للخدمات المالية والنشاطات الاستثمارية والتأمين وتوظيف الأموال، وهو ما سيعزز جاذبية المنطقة لتلقي تدفقات مالية أكبر على غرار أسواق مالية دولية أخرى. إن المركز المالي للدارالبيضاء يخطط لأن يصبح أحد أبرز المحاور المالية العالمية عبر تعزيز دوره في سد فجوة التمويل في منطقة شمال وغرب إفريقيا كونها تمتلك مقومات واعدة للنمو الاقتصادي والاستثماري للعقود المقبلة.