أخرجت الاحتجاجات على برنامج "مسار"، الذي أقرته وزارة التربية، الكثيرين عن صمتهم، في حين يواصل التلاميذ احتجاجاتهم رافضين هذا الإجراء، داعين إلى العدول عنه، مصممين على "إسقاطه" وبينما تفرقت أسرة التربية شيعا بخصوصه، كشفت التوضيحات التي أدلى بها رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، أنه في صالح التلاميذ، خاصة أنه يهدف إلى إدماج تكنولوجيا الاتصال في المنظومة التربوية، فيما اعتبرته الشبيبة المدرسية، التابعة لحزب الاستقلال غير ملائم للظروف الحالية، ودعت إلى تنظيم مسيرة للتعبير عن رفضه الأحد المقبل في عدد من المناطق، في حين تحدثت جمعية تهتم بالشأن التربوي عن سوء فهم بسبب دعايات مغرضة، لأن البرنامج لا يمس الحق في التعلم إطلاقا. ولوحظ أن وزير التربية الوطنية، الذي يعقد صباح اليوم ندوة صحفية في مقر الوزارة، انطلق إلى السرعة الثانية وكثف من حضوره على الواجهة الإعلامية وتحدث عن "مسار" وشرح أهدافه على القناة الثانية وبعض المحطات الإذاعية، كما تحدث لوكالة المغرب العربي للأنباء. قال بلمختار إن برنامج "مسار" نظام معلوماتي يتوخى إدماج تكنولوجيا الاتصال في المنظومة التربوية وإرساء مبدأ الحكامة في تدبير النظام المدرسي. وأوضح بلمختار، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "مسار مشروع وطني متكامل، يروم جعل المؤسسة التعليمية في قلب اهتمامات قطاع التعليم المدرسي، وتعزيز دور الحكامة في النظام التربوي، عبر توفير قاعدة معطيات وطنية شاملة توفر إمكانية التتبع الفردي للمسار الدراسي للتلاميذ، ومواكبة جهودهم وتحصيلهم الدراسي، ومسك نقط مراقبتهم المستمرة". وأشار إلى أنه جرى تنزيل مكونات برنامج "مسار" وفق مقاربة تشاركية تعتمد على مبدأ التدرج، حيث سعت الوزارة إلى تجريبه قبل تعميمه، وتسهيل اندماجه ليستوعب البرامج المعلوماتية السابقة والحالية في أفق انفتاحه على عالم التكنولوجيا والمعرفة الرقمية بما يسهم في تحسين مردودية تحصيل التلاميذ. احتجاجات محدودة وغير مفهومة وصف بلمختار احتجاجات التلاميذ التي رافقت تطبيق وإرساء هذا النظام المعلوماتي، "تبقى في الواقع محدودة، وغير مفهومة، لأن ما قيل للتلاميذ، في ما يتصل بجوانب تطبيق البرنامج، غير صحيح إطلاقا، بما أن منظومة تقويم التلاميذ، لن يطولها أي تغيير، ونقط المراقبة المستمرة ستحتسب انطلاقا من الفروض المحروسة، وكذلك من الأنشطة المندمجة داخل الفصول الدراسية وفق المذكرات الوزارية الجاري بها العمل". وبعد أن سجل أن تطبيق هذا النظام المعلوماتي، الذي أشرف على إعداده بشكل كامل أطر وتقنيو الوزارة، يتلاءم مع التطور الذي تشهده نظم التواصل الرقمي، شدد الوزير على أن تحديث آليات تدبير المنظومة التعليمية "يفرض علينا مواكبة التطورات العالمية ذات الصلة في ما يتعلق بالعمل في وسط إيكولوجي نظيف يحترم شروط الحفاظ على البيئة ويتجاوز السلبيات الناجمة عن الاعتماد على المحتوى الورقي". وأشار بلمختار، في هذا الصدد، إلى أن منظومة "مسار" للتدبير المدرسي، تستهدف ضبط عملية الدخول المدرسي من خلال السير الجيد لعملية التسجيل وإعادة التسجيل، والإدماج وضبط الانتقالات الفردية والجماعية، والتوجيه وتكوين الفصول الدراسية والبنية التربوية، إلى جانب تعزيز مقومات التقويم التربوي عبر أجرأة المراقبة المستمرة، وتحديد مواعيد الامتحانات الإشهادية. كما يتوخى البرنامج، يضيف الوزير، تدبير الموارد البشرية والزمن الدراسي عبر آليات معلوماتية دقيقة، تروم تحديد استعمالات الزمن وقاعات متابعة الدروس، وتتبع غيابات التلاميذ، ورصد التأخيرات، والتحكم في مستويات الغيابات والانتقالات والتكليفات الجديدة، وضبط آليات منح النقط الإدارية ونقط التفتيش التربوي.ويروم البرنامج، حسب بلمختار، مواكبة الحياة المدرسية عبر التتبع الفردي لأداء التلاميذ، وتعزيز اليقظة التربوية وتفعيل الدعم المدرسي وتحسين أداء الرياضة المدرسية. وعي بالتعقيدات والصعوبات وخلص الوزير، إلى أن هذا البرنامج، مازال في بدايته، وأن الوزارة "واعية تمام الوعي" بالتعقيدات والصعوبات المرتبطة به، نظرا لحجم المنظومة وانتشار المؤسسات التعليمية عبر التراب الوطني في مناطق تعاني أحيانا انعدام الربط بالأنترنيت، مشيرا الى أن الصعوبات الحالية "متحكم فيها"، علما أن الوزارة قامت بعمليات استباقية واتخذت إجراءات مصاحبة من قبيل التكوين والتجريب والدعم التقني للمستعملين. على صعيد متصل، تفيد وثيقة أعدها قطاع التربية الوطنية أنه تم في إطار إرساء هذا النظام، تعميم مرحلته الأولى والتي خصت تدبير الدخول المدرسي مند شهر يونيو 2013 ، ما مكن أكثر من عشرة آلاف من مديرات ومديري المؤسسات التعليمية من مسك المعطيات الخاصة بالتلاميذ، وتدبير عمليات تسجيلهم، وإعادة تسجيلهم والانتقال الفردي أو الجماعي للمتمدرسين، وعمليات التوجيه، وكذا تدبير البنية التربوية وتكوين الأقسام.ومنذ انطلاق الدخول المدرسي الحالي، يضيف المصدر ذاته، جرى تحيين قاعدة المعطيات الوطنية لسنة 2013 - 2014 بمعلومات تهم ستة ملايين و 512 ألفا و 192 تلميذا، من توقعات الخريطة المدرسة أي بنسبة 101,1 في المائة. وهذا المجهود الجبار، تؤكد الوثيقة، " لم يكن ليتم لولا عمليات التكوين والمصاحبة التي واكبت عمليات إرساء منظومة مسار في مرحلتها الأولى"، بالإضافة إلى توفير التجهيزات والموارد اللازمة على الصعيد المركزي، وعلى صعيد المؤسسات التعليمية عبر إرساء المركز الوطني للبيانات، الذي يستضيف بطريقة مؤمنة منظومة هذا المحتوى المعلوماتي وجميع المنظومات المعلوماتية الأخرى للوزارة، وتجهيز جميع مديري المؤسسات التعليمية بحواسيب محمولة مرتبطة بالأنترنيت وبطابعة تمكنهم من الاشتغال بكيفية ملائمة. وأشار المصدر ذاته إلى أنه تم الشروع في إرساء المرحلة الثانية من منظومة "مسار" والتي تهم تدبير جميع العمليات المتعلقة بتقييم التلاميذ منذ نونبر 2013 ، ومن خلال برمجة عمليات التجريب والتقويم على صعيد 24 مؤسسة تعليمية تمثل الأسلاك الثلاثة للمنظومة وعمليات التكوين والتواصل وتحسيس المستعملين على صعيد كل المؤسسات التعليمية. وذكر بأنه مع اقتراب الإعلان عن نتائج الامتحانات لوحظ ارتفاع كبير لاستغلال منظومة "مسار" للتدبير المدرسي، من خلال قياس نسبة الولوج المتزامن للمنظومة، والذي بلغ في ذروته 3000 مستعمل من مديري المؤسسات التعليمية في آن واحد، فضلا عن الأعداد الهائلة من نقط المراقبة المستمرة التي تم مسكها والتي تجاوزت 35 مليون نقطة (23 يناير 2014). وللاستجابة إلى ظروف الاستغلال القصوى، تضيف الوثيقة ، اتخذت الوزارة إجراءات آنية تمثلت في مضاعفة الصبيب على مستوى مركز المعطيات المركزي من أجل تمكين الولوج في ظروف أحسن من 34 إلى 100 )ميغا بايت( في الثانية، وتقوية قدرة الخادم المركزي والزيادة في الحواسيب من أجل تقليص الفترة الزمنية للاستجابة.