قام، أخيرا، وفد من مديري سجون عدد من المدن الإيطالية، وبعض المراكز التابعة لها، بزيارة عمل وتواصل إلى المغرب، امتدت ما بين 15 و 18 يناير الجاري، لتقديم تقرير حول أوضاع المغاربة المعتقلين في السجون الإيطالية، الذين يقدر عددهم بقرابة 5000 سجين. الوفد الإيطالي خلال زيارته للمغرب (خاص) في هذا السياق، قال حسن كوبى، رئيس جمعية الهلال للرياضة والثقافة، في لقاء مع "المغربية"، إن زيارة الوفد الإيطالي للمغرب، كانت موفقة، وتمكن أعضاؤه من زيارة بعض المؤسسات السجنية المغربية، حيث وقفوا على آخر التطورات التي عرفتها المؤسسات السجنية المغربية خلال السنوات الأخيرة، في حين عبر العديد منهم عن إعجابهم بمراكز التكوين التابعة لسجن سلا وطريقة تكوين السجناء به. كما قام الوفد المذكور بزيارة لمراكز خاصة تؤهل السجناء ما بعد فترة الحبس، مشيرا إلى أن "هذه الزيارة، تركت أثرا كبيرا في نفوس أعضاء الوفد الإيطالي، الذي كان لديه صورة غير واضحة عن طريقة التعامل مع السجناء في المغرب، بل أكدوا أن السجين المغربي، يحظى اليوم بفرص مهمة تمكنه من الاندماج مستقبلا في المجتمع بعد الإفراج عنه، والحصول عن عمل". صرح حسن كوبرى، رئيس جمعية الهلال للرياضة والثقافة، في لقاء مع "المغربية"، إن الهدف الأساس من الزيارة التي قام بها الوفد الإيطالي، المكون من 12 شخصا، للمغرب، ضمنهم مديرو أربعة سجون إيطالية، بكل من مدينة ابريشيا، ومودينا، وبيركامو، وفراري، وبعض شرطة هذه السجون، وطبيب نفسي، ومسؤولة تربوية بسجن بيركامو، ووسطاء ثقافيون مغاربة وإيطاليون، يكمن في نقل أوضاع المغاربة المعتقلين في السجون الإيطالية الذين يقدر عددهم بقرابة 5000 سجين، للمسؤولين المغاربة من أجل الإطلاع على أوضاعهم. وأضاف أن الوفد الإيطالي التقى خلال هذه الزيارة بمسؤولين مغاربة من وزارة العدل والحريات، والمندوبية العامة لإدارة السجون، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، التي أعجب الإيطاليون بطريقة اشتغالها وتعاملها مع السجين. كما كانت للوفد الإيطالي زيارة إلى البرلمان المغربي، حيث التقى بعدد من الفرقاء البرلمانين، الذين شرحوا للزوار كيفية تطرقهم لمواضيع تهم السجين داخل قبة البرلمان، كما زار الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة. وأفاد كوبرى أن الزيارة تدخل أيضا في سياق العمل الميداني، الذي تنجزه جمعية الهلال في إيطاليا، التي تحمل هموم ومشاكل السجناء المغاربة في هذا البلد الأوروبي، لتحقيق أهداف اتفاقية الشراكة التي تجمعها مع الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج بشأن مشروع نموذجي يتعلق بالمواكبة الاجتماعية والثقافية للسجناء المغاربة في إيطاليا، الذي ناضلت من أجله جمعية الهلال للرياضة والثقافة بمدينة بولونيا، منذ نشأتها سنة 2011. وأوضح المتحدث أن جمعية الهلال للرياضة والثقافة، مشروع إنساني، يدعم السجين المغربي بأرض المهجر، إذ يجد هذا الأخير نفسه بين سجنين، حسب كوبي، هما سجن الغربة والابتعاد عن الأهل والأحباب، وسجن فعلي يقضي فيه عقوبة حبسية معينة، لذا فهؤلاء السجناء في حاجة ماسة للمساعدة المعنوية أكثر من المادية، ولدعم نفسي للتخفيف عنهم، ودعم معنوي يتجلى في الأنشطة الثقافية والترفيهية، والأنشطة الرياضية، هم في حاجة لزيارات مكثفة من طرف الجمعية، تعوضهم الزيارات العائلية التي يتعذر عن ذويهم القيام بها"، مبرزا أن معظم السجناء المغاربة من الشباب العاشق للهجرة، الذين سُجنوا لمحاولتهم الثراء بطريقة سريعة وغير شرعية، ومنهم من كان متهورا باقترافه جرما معينا، ومنهم من لفقت له بعض التهم. كل هؤلاء، يضيف كوبي، يوجدون في حاجة لمن يستمع لمشاكلهم ومعاناتهم، فمنهم من ترك وراءه زوجة وأطفالا لا يعرف مصيرهم، ومنهم من يعتبر في نظر والديه ميتا، في حين أنه حي يرزق ويقبع في أحد سجون المهجر، ومنهم من فقد الأمل في المستقبل. وتعمل الجمعية جاهدة على مساعدة هؤلاء السجناء والتقصي عن أحوال أسرهم. وشدد المتحدث على أن أنواع الجرائم المقترفة من طرف بعض السجناء المغاربة في إيطاليا تغيرت من اقتراف بعض الأفعال الممنوعة، مثل السرقة والنصب والاحتيال، إلى جرائم محصورة في مشاكل أسرية بالأساس، لأن الأسر في المهجر أضحت لا تتحمل الأزمة الاقتصادية بعد أن اعتادت رفاهية معينة. وأبرز الفاعل الجمعوي أن جمعيته، رغم أنها مازالت فتية، فإنها أنجزت حتى اليوم 124 زيارة للسجون الإيطالية، التقت خلالها بسجناء من مختلف الأعمار والأجناس، وبسجناء محكوم عليهم بجرائم مختلفة، وساهمت في التقاء سجناء مغاربة مع بعضهم البعض في السجن نفسه، لأن ذلك كان مستحيلا في السابق، نظرا لكون كل واحد منهم يوجد في جناح معين بعيدا عن الآخر. هؤلاء السجناء، يضيف كوبي، أصبحوا يترقبون زيارة أعضاء الجمعية للإنصات لمشاكلهم والتحدث معهم، وحل بعض مشاكلهم العالقة، كالاتصال بالقنصلية أو السفارة من أجل تجديد وثائقهم، أو إنجاز توكيل لبعض أسرهم لتسيير مشاريعهم خارج المؤسسة السجنية. كما تقوم جمعية الهلال للرياضة والثقافة بإيطاليا، بالعديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية، والدينية والرياضية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المغاربة بإيطاليا، ولديها مشاريع كبيرة لخدمة هؤلاء. ومن أجل الاطلاع على حال السجناء المغاربة في كل أنحاء إيطاليا، أبرمت الجمعية العديد من الشراكات مع جمعيات مغربية وإيطالية، لأنها لا تستطيع تغطية جميع التراب الإيطالي. وفي ما يتعلق بالمشاريع المستقبلية لجمعية الهلال للرياضة والثقافة بايطاليا، يقول حسن كوبرى، إن الجمعية ستحتفل يومي 7 و8 مارس المقبل باليوم العالمي للمرأة، سيكون برنامج أنشطتها مكثفا جدا داخل السجون الإيطالية، كما أن الجمعية ستنظم في شهر يونيو المقبل لقاء بالمغرب من أجل جلب رجال أعمال إيطاليين للاستثمار في المغرب.