اتفق صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال اجتماع القمة الذي عقد في البيت الأبيض في 22 نونبر الماضي، على رسم خارطة طريق " طموحة " لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الرباطوواشنطن في إطار مقاربة حريصة على حفظ المصالح الحيوية للبلدين، مع الطموح المتقاسم لتعزيز الأولويات المشتركة في المغرب العربي والشرق الأوسط وإفريقيا. وشدد البيان المشترك بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المغربية، الذي توج اجتماع القمة، على أن زيارة العمل المهمة التي قام بها جلالته للولايات المتحدة كانت "مناسبة لرسم خارطة طريق جديدة وطموحة للشراكة الاستراتيجية، والتزاما بالمضي قدما في تطوير أولوياتنا المشتركة من أجل مغرب عربي وإفريقيا وشرق أوسط، يسودها الأمن والاستقرار والازدهار". واغتنم القائدان هذه الفرصة "للتشديد على القيم المشتركة، والثقة المتبادلة، والمصالح المشتركة والصداقة العريقة، كما تعكسها مختلف مجالات الشراكة". وعبر جلالة الملك والرئيس أوباما عن الرغبة المشتركة في تجاوز الإطار الثنائي وتبني رؤية متقدمة تعطي دفعة جديدة لمسلسل السلام بالشرق الأوسط، وترسي أسس تعاون ثلاثي الأطراف في إفريقيا، وفق منهجية حريصة على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة إلى التقدم والاستقرار. وفي هذا السياق أبرزت المجلة الأمريكية (ناشيونال انتريست)، المتخصصة في القضايا الاستراتيجية والدفاعية في مقال تحليلي تحت عنوان (الفرصة المغربية لأوباما)، أن الدور المركزي الذي يضطلع به جلالة الملك على الصعيد الدولي والثقة التي يحظى بها لدى أطراف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ولدى زعماء الدول العربية، يمكن أن يكون لها "عمق استراتيجي يساعد على التوصل إلى حل لهذا النزاع". وأضافت المجلة الأمريكية أنه "في إفريقيا، على وجه الخصوص، يقر رئيسا الدولتين أن الخط الفاصل بين شمال القارة وجنوبها فقد كل معنى" في زمن العولمة وتطور وسائط الاتصال والنقل، مبرزة أن الزعيمين "يعتقدان بقوة أن مكافحة التطرف الديني بالمنطقة لا تتطلب فقط التعاون الأمني، بل أيضا بلورة استراتيجية فعالة للتنمية". وفي ما يتعلق بتفعيل شراكات لمواجهة الإكراهات التنموية للشعوب الإفريقية، ذكرت (ناشيونال إنتريست)، في هذا الإطار، أن المغرب يتوفر على حصيلة إيجابية جدا، مبرزة أن الالتزام الإفريقي للمملكة يتميز بطابعه العريق والمتنوع. ولاحظت المجلة نصف الشهرية الأمريكية أن "القطاع البنكي المغربي حاضر، اليوم، بقوة في القارة الإفريقية، كما أن هناك جيلا جديدا من المقاولين المغاربة استثمروا في جميع القطاعات بالقارة، انطلاقا من الكهربة القروية إلى الصناعة الصيدلانية مرورا بالنسيج وقطاعات أخرى". وأضافت أن "الولاياتالمتحدة، التي تربطها بالمغرب اتفاقية للتبادل الحر فريدة من نوعها بالقارة الإفريقية، يمكن أن تستفيد من تجربة المملكة بالقارة، في إطار تعاون ثلاثي الأطراف يوفر بيئة ملائمة للأعمال بالاعتماد على الخبرة المغربية والدعم الأمريكي". وكانت الزيارة التي قام بها جلالة الملك لواشنطن بدعوة من الرئيس أوباما شكلت فرصة تاريخية لزعيمي البلدين لتجاوز الرؤى الضيقة التي طبعت الاستراتيجيات الدولية، خلال القرن الماضي، حسب العديد من الخبراء في واشنطن. وأضافوا أن المغرب والولاياتالمتحدة تجمعهما روابط تاريخية عريقة، بنيت على أسس متينة، وهو ما تعكسه الشراكة من أجل تعزيز سيادة القانون في المنطقة ومحاربة التطرف الديني، الذي يهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل. وفي هذا الصدد كتب مركز البحوث الأمريكية (سونتر فور نافال أناليسيس)، في تحليل بعنوان "شركاء في مكافحة الإرهاب: فرص وتحديات التعاون المغربي الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب"، "لقد كان المغرب قادرا على تطوير خبرة كبيرة في مجال تعزيز سيادة القانون، وأصبح رائدا في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب". ويقول صاحب الدراسة إيريك طومسون وويل ماكارتني إن "المملكة المغربية أصبحت ركيزة يعتمد عليها المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب"، مشيرا إلى أن تعزيز سيادة القانون، التي يضعها المغرب في أولوياته، تقع في قلب جهود واشنطن لتعزيز الأمن والاستقرار في البلدان من العراق وأفغانستان مرورا باليمن. كما يعتبر كاتب هذا التحليل، الذي سلط الضوء على الأهداف الاستراتيجية للرباط وواشنطن في مكافحة الإرهاب، أن "هناك أماكن في جميع أنحاء العالم، سيما في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث خبرة المغرب في نشر قيم سيادة القانون ستكون مضاعفة، وستساهم في تعزيز الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا المجال". (و م ع)