لا لون للتلفزيون العمومي إلا الرمادي، ولا صوت يبشر بالخروج من الأزمة، إلا ما يتردد في خطابات وزير الاتصال عن إصلاح يراهن عليه من خلال تنظيم المناظرة الوطنية للسمعي البصري وتعديل قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، وتدشين باقات عمومية جديدة مثل القناة "البرلمانية" وقناة "الطفل والأسرة"، التي ستعزز باقي القنوات، في إطار ما يراه الخلفي تعزيزا للتنافسية والمهنية، وضمان التعددية والرفع من جودة وحكامة القطاع. ما ورد على لسان الخلفي، أثناء تقديمه الميزانية الفرعية لوزارة الاتصال أمام مجلس المستشارين كلام قديم، تريد منه الوزارة ركوب التحدي، وهو طموح يصطدم بضعف مدة مشاهدة قنوات القطب العمومي، إذ لم يتجاوز معدلها ثلاث ساعات و16 دقيقة فقط خلال الشهر الواحد، وهو ما أكدته الوزارة بنفسها. معركة دفاتر التحملات، التي يريد الوزير أن يعممها لتشمل قناة ميدي1 تي في، لم يفلح في ترجمتها على أرض الواقع بالنسبة للشركة الوطنية و"صورياد دوزيم"، إذ كان مقررا أن تدخل حيز التنفيذ خلال السنة الجارية، لكنها لم تشمل إلا برامج رمضان لسنة 2013. نحن الآن على مشارف سنة 2014، وإلى حدود هذه اللحظة، لم يعلن إلا عن نتائج العروض المتعلقة بشبكة البرامج العادية لدار البريهي، التي ستجري المصادقة عليها بشكل نهائي في اجتماع للمجلس الإداري، الذي سيجد نفسه أمام معطى التشكيك في نتائج لجنة اختيار المشاريع من طرف العديد من الشركات، التي قررت 15 منها اللجوء إلى القضاء. وبالتالي، فإن صخب دفاتر التحملات لن يتوقف، ما دامت لجان اختيار المشاريع لا تعلل قراراتها وتحدد معاييرها القرائية في اختيار المشاريع، باعتبارها ضوابط تعزز تنافسية الإنتاج الخارجي بشكل شفاف، وفي خضم هذه المعركة تضيع حقوق المشاهد، الذي لم يعد يجد في البرامج المقدمة له ما يشبع انتظاراته، في ظل الإعادات المستمرة لإنتاجات انتقل العديد من أبطالها إلى دار البقاء، إعادات لم تفلت منها حتى ميدي1 تي في. المشهد محبط واللون رمادي، يكاد يقترب من السواد، ويتساءل المهتمون عن جدوى تنزيل المخطط الوطني للانتقال إلى البث الرقمي الأرضي في أفق 2015، وتوسيع تغطية التراب الوطني، مادامت القنوات تقدم برامج خارج التغطية. إن الوضع بالقطب العمومي متجمد، وعطالة الفنانين والتقنيين والمخرجين مستمرة، والمشاهدون في رحلة دائمة بين محطات تلفزيونية عالمية، تشد اهتمامهم، ولهم الاختيار بين قنوات موضوعاتية، دينية وأخرى ترفيهية وسينمائية، وحتى إن كنا نتوفر على قناة مختصة بالسينما، فإن الكثيرين لا علم لهم بها.