وجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول أمس الأربعاء، صفعة جديدة لخصوم الوحدة الترابية للمغرب، بعد رفضها توسيع مفهوم "الحل السياسي" لنزاع الصحراء المفتعل، ليشمل مخطط "الاستفتاء" وشددت على تمسكها بخيار المفاوضات، الذي دعا إليه مجلس الأمن في قراره 1754 عام 2007، وبذلك صادقت الجمعية العامة على القرار الذي سبق للجنة الرابعة أن صادقت عليه في أكتوبر الماضي، والذي يجدد التأكيد على دعم الأممالمتحدة في مسلسل البحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه حول قضية الصحراء المغربية. في هذا السياق، قال محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الجمعية العامة، بموقفها الذي اتخذته أول أمس الأربعاء، ذهبت في الاتجاه نفسه، الذي تسطره قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقرار 1754، مؤكدة، أيضا، انسجامها مع قرار اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، الصادر في أكتوبر الماضي. وأضاف الحسيني في اتصال أجرته معه "المغربية"، قوله "لو أن الجمعية العامة أصدرت قرارا مخالفا، فإن ذلك سيكون مناقضا لقرارات مجلس الأمن، وستكون له انعكاسات سلبية على أداء المنظمة الدولية". وكان مجلس الأمن الدولي أصدر، على مر السنوات السبع الماضية، سلسلة من القرارات الداعية إلى إجراء مفاوضات سياسية بين مختلف أطراف نزاع الصحراء بهدف إيجاد حل متفاوض بشأنه، وليس إلى حل تحكيمي، مثل مخطط الاستفتاء، الذي لم يعد قابلا للتطبيق، بسبب العيوب والخروقات، التي شابته إثر تلاعب جبهة البوليساريو بقوائم من يحق لهم المشاركة في الاستفتاء. ولدعم الحل السياسي المتفاوض بشأنه، أصدر مجلس الأمن قراراته 1783 (2007)، و1813 (2008)، و1871 (2009)، و1920 (2010)، و1979 (2011)، و2044 (2012)، و2099 (2013)، الداعية إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من طرف جميع الأطراف. وتعليقا على تأييد مجلس الأمن الدولي لخيار التفاوض ولا شيء غير التفاوض، واعتباره مقترح الحكم الذاتي أرضية مقبولة لإجراء ذلك التفاوض، قال الحسيني إن طابع الجدية والمصداقية، اللتين حصلت عليهما المبادرة المغربية، سواء من قبل مجلس الأمن، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من طرف اللجنة الرابعة، وأيضا من قبل الدول الكبرى، جعلت منها (أي من المبادرة المغربية) منطلقا لإيجاد حل حقيقي ودائم للنزاع في الصحراء. وأضاف الحسيني مؤكدا أن قرار الجمعية العامة، الصادر أول أمس الأربعاء، "إيجابي، ولم يسمح بخروج مخطط التسوية عن نسقه الذي وضعه مجلس الأمن، إلا أن انصرام السنين واستمرار الوضع على ما هو عليه، سيفقد مقترح الحكم الذاتي القوة، التي يتمتع بها كأرضية للتفاوض"، ودعا الحسيني المغرب، في حال استمرار الأطراف الأخرى اللعب بسياسية الوقت الضائع، إلى المبادرة بتطبيق الحكم الذاتي في إطار مشروع الجهوية الموسعة. ودعا قرار الجمعية العامة، على الخصوص، دول المنطقة إلى التعاون الكامل مع الجهود المبذولة تحت إشراف الأممالمتحدة، ومع بعضها البعض من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من قبل جميع الأطراف للنزاع الإقليمي حول الصحراء. كما دعا القرار الأطراف إلى مواصلة إبداء الإرادة السياسية والعمل في جو من الحوار من أجل الدخول بحسن نية ودون شروط مسبقة في مرحلة من المفاوضات المكثفة بشكل أكبر، مع الأخذ في الاعتبار الجهود المبذولة والتطورات، التي حدثت منذ سنة 2006، بهدف تأمين تنفيذ القرارات المذكورة لمجلس الأمن. وتدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتالي، مقاربة مجلس الأمن، منذ المصادقة على قراره 1754 (2007)، في إشارة إلى تقديم المغرب مبادرته للحكم الذاتي بجهة الصحراء، والتي حظيت بإشادة الهيئة التنفيذية والمجموعة الدولية بأسرها، باعتبارها مبادرة جدية وذات مصداقية لتسوية نهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء. ولم يضف القرار أي جديد، غير تجديد الدعم والإشادة بمسار المفاوضات، كما دعا كل الأطراف إلى التعاون الكامل مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي. ومن خلال دعمها لقرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار رقم 2099 (أبريل 2013)، تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت المعايير الثابتة، التي حددها مجلس الأمن بالأممالمتحدة للتوصل إلى حل نهائي لهذه القضية، التي يصفها القرار ب "الخلاف". وبالمصادقة على القرار الجديد، تنضم الجمعية العامة إلى مجلس الأمن في دعوته الأطراف الأخرى، التي ما زالت حبيسة موقف جامد ومتطرف، إلى أن تعبر عن إرادتها السياسية اللازمة من أجل المساهمة في تسوية سياسية متفق بشأنها، كما تطالب بذلك الأممالمتحدة.