كشفت سمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، عن إجراءات وضعتها الوزارة كخارطة طريق من أجل تحسين جودة التعليم العالي. وأبرزت بنخلدون، خلال اليوم الدراسي الوطني، الذي نظمته منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أمس الخميس بالرباط، حول "ضمان الجودة في التعليم العالي بالمغرب: الآليات والضوابط"، بشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، أن هذه الإجراءات تتضمن شقا تشريعيا، بضرورة إخراج وكالة للتقييم في البحث التعليمي، مبرزة أن مشروع قانون هذه الوكالة دخل أول أشواط النقاش بالبرلمان، في اللجنة البرلمانية المتعلقة بالتعليم والثقافة والاتصال. وتشمل الإجراءات، التي تضمنتها خارطة الطريق على مستوى اللوجستيك، حسب بنخلدون، تحسين المرافق الجامعية، موضحة أن الوزارة بذلت "مجهودات استثنائية خلال السنتين الماضيتين" من أجل رفع عدد المدرجات ب25 مدرجا خلال السنة الجارية، وأن عدد المدرجات سيساهم من نقل عدد الطلبة من 145 طالبا إلى 135 طالبا لكل 100 مقعد. وأعلنت أن الوزارة بصدد التفكير في إطار تحسين الطاقة الاستيعابية، عبر "إحداث التعليم عن بعد عبر الجامعات الافتراضية"، مفيدة أن الوزارة وفرت تأطيرا بيداغوجيا لفتح مباريات التوظيف، وخلقت ألف منصب شغل للأساتذة الدكاترة، منها 500 منصب شغل جديد. وأبرزت أن الرفع من عدد مناصب الشغل داخل الجامعات سيمكن من الانتقال من تدريس 45 طالبا لكل أستاذ إلى 35 طالبا، وأن الوزارة وفرت المسالك الجديدة في إطار مراجعة الضوابط البيداغوجية التي تربط الجامعات بالوزارة، إذ خلقت 987 مسلكا جديدا خاصة بالماستر، بزيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة مع 2010. وأكدت الوزيرة أن "تحسين جودة التعليم بات ضرورة ملحة، لأنه أصبح مطلبا واقعيا وشعبيا ومجتمعيا" مؤكدة أنه "رغم المكانة المتقدمة التي حققها المغرب على المستوى الإقليمي، مازالت هناك مجموعة من التدابير، يجب اتخاذها من أجل إصلاح أكبر لجودة التعليم العالي". من جهته، قال فيليب كيتو، ممثل "اليونسكو" لدى المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا وتونس، إن جودة التعليم العالي تعتبر موضوعا آنيا لما يلقاه من اهتمام بالغ من طرف المتخصصين وعموم المتدخلين في ميدان التعليم العالي، داعيا إلى العثور على "حلول ناجعة لتفادي المظاهر السلبية التي يشهدها الميدان، وتعزيز المكتسبات والطموح إلى غد أفضل، يتوفر فيه لكل الطلبة تعليم ذو جودة عالية". وطالب المشاركون في هذا اليوم الدراسي، الذي حضره عبد الحفيظ الدباغ، الكاتب العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ورؤساء الجامعات المغربية، وكبار مسؤولي المصالح المركزية للوزارة، بمشاركة خبراء ومختصين في ميدان ضمان الجودة بالتعليم العالي، بوضع منظومة وطنية لضمان الجودة، التي ستتجسد مع تفعيل الوكالة الوطنية لتقييم التعليم العالي والبحث العلمي، موضحين أنه، رغم "ما حققته الجامعات المغربية من مكتسبات، مازال الطريق طويلا لتحقيق الجودة المرجوة، ومحفوفا بمجموعة من العقبات والتحديات مرتبطة أساسا بالأساتذة والمنهاج والتقويم، وحاجات الطلبة وانتظاراتهم، وبيئات التعليم والتعلم والخدمات الجامعية". واعتبروا أن العلاقات بين الأستاذ والمتعلم تشكل أهم هذه المجالات، لأنها مرتبطة بجملة من العوامل المؤثرة مثل نسبة التأطير، وزمن التعلم، والاكتظاظ، والأنشطة الجامعية. وأبرز المتدخلون أن "تعبيد هذا الطريق يمر من خلال إرساء نظام وطني لضمان الجودة، يستثمر التجارب السابقة، ويهيء البيئة المناسبة لتفعيل الوكالة الوطنية لتقييم التعليم العالي والبحث"، داعين إلى التفكير في مستقبل جودة التعليم العالي بالمغرب في ظل ما تؤكده الدراسات الحديثة. وشددوا على أن أحسن وسيلة لإرساء هذه الجودة، هي إحداث تغيير جذري في البنيات الثقافية والفكرية للتعليم، وفي المناهج وبرامج تكوين المدرسين والمراجع الأكاديمية، والمقاربات البيداغوجية، والتكنولوجيات التعليمية والتقويم، وبيئات التعلم، وبنيات الحكامة والتدبير، بالإضافة إلى الشراكة مع المجتمع ومع القطاع الخاص.