أكد وزير العلاقات الخارجية لبنما، فيرناندو نونيث فابريغا، أن قرار بلاده تعليق اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة، المعلن عنه رسميا الأسبوع الماضي، يهدف إلى إصلاح "خطأ" ارتكب في السبعينيات على عهد الديكتاتورية العسكرية للجنرال عمر طوريخوس. وقال نونيث فابريغا، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يوم الجمعة المنصرم، على هامش زيارة رسمية له إلى الأرجنتين، إن "قرارنا تم اتخاذه بعد دراسة متأنية، علما أن الاعتراف بهذا الكيان الوهمي تم من قبل ديكتاتورية عسكرية لا شرعية شعبية لها. وأن الأمر يتعلق بخطأ وجب إصلاحه"، مضيفا أن "قرار بلاده يستند إلى اعتبارات موضوعية". وأوضح أن بلاده لا يمكنها الإبقاء على الاعتراف بكيان وهمي "لا يتوفر على مقومات السيادة المتمثلة في الإقليم والشعب والسلطة والاستقلال"، وأن الحكومة البنمية لا يمكنها الاستمرار في علاقات مع هذا الكيان، مؤكدا أن تعليق هذا الاعتراف يمليه، أيضا، الدور الذي تتطلع بنما إلى الاضطلاع به داخل المجتمع الدولي كفاعل إقليمي يعمل من أجل السلام والتفاهم بين الأمم. وحمل نونيث الجزائر المسؤولية المباشرة في استمرار نزاع الصحراء، مؤكدا أن هذا المشكل ليس قضية بين المغرب وانفصاليي "البوليساريو" وإنما بين المملكة المغربية والجزائر. وبعد أن ذكر بأن مسؤولي الانفصاليين يتنقلون بجوازات سفر دبلوماسية جزائرية، أكد الوزير البنمي أنه من مصلحة البلدان المعنية أن "يعم الاستقرار بهذه المنطقة التي تواجه مخاطر الإرهاب والتهريب بمختلف أنواعه، وأن يتم إطلاق مفاوضات جدية من أجل إيجاد حل متوافق عليه" لهذا المشكل الذي يعيق الاندماج المغاربي. وبخصوص مقترح المغرب المتعلق بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، عبر رئيس الدبلوماسية البنمية مجددا عن دعم بلاده لهذه المبادرة، التي شدد على ضرورة بحثها من قبل الأطراف المعنية وفق "مقاربة جدية، واقعية وبراغماتية". وأكد أن المبادرة المغربية تشكل "مرتكزا ذا مصداقية وقابلا للتطبيق" من أجل التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي، معربا في هذا السياق عن تأييده "الكامل" للموقف الأمريكي من المقترح المغربي الذي وصفه "بالجدي والواقعي وذي المصداقية"، والذي تم تأكيده مجددا خلال زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى واشنطن. وقال نونيث فابريغا إنه "من مصلحة الأطراف المعنية الجلوس معا لبحث إجراءات تطبيق مخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب في أقرب الآجال"، محذرا من الانعكاسات السلبية لاستمرار نزاع الصحراء على الاستقرار، ليس فقط بالمنطقة وإنما أيضا، خارجها. من جهة أخرى، أشاد رئيس الدبلوماسية البنمية بالإصلاحات الديمقراطية التي باشرها المغرب بتوجيه من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مستدلا، في هذا الصدد، بالتقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة. وفي ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أعلن نونيث فابريغا أنه سيقوم، خلال الربع الأول من السنة المقبلة، بزيارة للمغرب من أجل تدشين سفارة بلاده في الرباط، وإجراء مباحثات مع المسؤولين المغاربة حول التعاون الثنائي، خاصة في مجالي الفلاحة والنقل البحري. وأضاف الوزير البنمي، الذي كان مرفوقا خلال هذا الحديث بديميتريو أولاسيرغي، سفير مكلف بمهمة، أن بنما تعتزم، أيضا، استيراد الفوسفاط من المغرب، والاستفادة من خبرة التقنيين المغاربة المختصين في ترميم المعالم التاريخية. يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء "الغربية" هو نزاع مفتعل مفروض على المغرب من قبل الجزائر. وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي. ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع يرتكز على حكم ذاتي موسع في إطار السيادة المغربية، ويساهم في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.