بإعلانها في قرار رسمي سيادي عن تعليق الاعتراف بالكيان الوهمي "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، تكون حكومة بنما انضمت إلى موجة الاستنكار الدولي المنددة بالأطروحات الخبيثة والمغرضة للانفصاليين، كما كشفت النظام الجزائري الذي ما زال يتعنت بدعمه ل(البوليساريو)، التي أصبحت في أيامنا هذه "عاملا لزعزعة الاستقرار" في منطقة المغرب العربي والساحل. اعتبرت حكومة بنما، في بلاغ نشر على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية، أنه "بمقتضى مبادئ القانون الدولي، ولكي يمكن لجماعة بشرية أن تأمل في تشكيل دولة ذات سيادة تتمتع باعتراف مجموع الدول، يتعين بالضرورة أن تتوفر على المقومات الأساسية التي تضمن وجودها، ويتعلق الأمر بالأرض والشعب والحكومة والاستقلال". وأضافت الحكومة البنمية أن هذا الكيان "لا يتوفر على المقومات الأساسية المشكلة لدولة ذات سيادة تماشيا مع مبادئ القانون الدولي". ويعتبر قرار بنما حكما نهائيا لا رجعة فيه، وصفعة أخرى للانفصاليين الذين لم يتوانوا بالأمس القريب في التحالف مع كتائب القذافي لوأد الثورة الليبية، والذين أصبحوا اليوم "قوة داعمة" للمجموعات الإرهابية التي تتبنى إيديولوجية القاعدة وتزرع الرعب في بلدان المنطقة. ولعل الإعلان الرسمي عن قرار الحكومة البنمية يندرج في سياق الوعي الدولي الذي يشدد على أن الجزائر و(البوليساريو) يتعين أن يخضعان للمساءلة عن أفعالهما المنافية للشرعية الدولية، في وقت يستدعي فيه الوضع الأمني بمنطقة الساحل والصحراء تعاونا إقليميا أكيدا في كل الأوقات، من أجل الحد من تهديد الجماعات المتطرفة التي تتغذى على أهدافها لزعزعة الاستقرار بهذا الجزء من العالم. وبعدما أعماها العداء المتأصل للمغرب، توجد طبقة الشيوخ الحاكمة بالجزائر "في الهاوية" كما سبق وكتبت أخيرا صحيفة "نيويورك تايمز"، بل ما زالت تتمادى وتستميت من أجل إغراق المنطقة في الفوضى من خلال دعمها ل(البوليساريو)، وبالتالي خيانة تطلعات الشعوب المغاربية إلى الاستقرار والتقدم والازدهار. وهذا الموقف خير دليل على الانحطاط الأخلاقي والمعنوي للنظام الجزائري الذي يأبى إلا أن يواصل العمل وفق العقيدة التي سادت خلال حقبة الحرب الباردة. وتحرص السلطة الجزائرية، التي لا تأبه بنداءات المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي تحذر من كون استمرار نزاع الصحراء سيشكل مهدا للمجموعات المتشددة التي تنشط بمنطقة الساحل والصحراء ومخيمات تندوف، على مواصلة الغوص في مستنقع هذه السياسة الدنيئة، في وقت يبدو فيه أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة السنة المقبلة ستنطلق على وقع "إفلاس سياسي بالجزائر (...) التي تعد أكبر دولة بوليسية في العالم العربي"، كما أشار إلى ذلك بروس ريدل، مدير (أنتيليجينس بروجيكت) التابع لمجموعة التفكير الأمريكية (بروكينغز إنستيتوشن)، التي يوجد مقرها بواشنطن.(و م ع)