أكدت مباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن "الصحراء المغربية هي القضية الأولى لكل المغاربة وليست قضية طرف آخر، ولا يمكن للجزائر أو غيرها أن تتدخل في هذه القضية ولا يمكن أن يتحدث الرئيس الجزائري، رغم احترامنا لشعب وحكومة الجزائر، عن مصير مغربي يشكل إجماعا وطنيا". مباركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون أوضحت بوعيدة، في حوار أجرته معها "المغربية" من الكويت، أن عزم المغرب في تحقيق أهداف الشراكات العربية الإفريقية نابع من العناية الكبيرة التي يوليها جلالة الملك لتعزيز علاقات المغرب مع الدول العربية والإفريقية، بهدف إقامة تعاون متنوع الأبعاد يفتح آفاقا جديدة وواعدة، مبرزة أن كل الدول العربية والإفريقية مدعوة إلى تجاوز الخلافات السياسية، وتكثيف الجهود والمساعي، وفق مقاربة شاملة، يحتل فيها البعد الإنساني مكانة الصدارة. واعتبرت أن تحقيق أهداف الشراكات العربية الإفريقية في الجانب الاقتصادي يستلزم دعم التنمية المستدامة، وتطوير الكفاءات البشرية، وتقاسم الخبرات والتجارب، وتعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين. وقالت بوعيدة إن "أهمية انعقاد القمة العربية الإفريقية تتجلى في أنها تشكل مرحلة جديدة في مسار تعميق العلاقات بين الدول العربية الإفريقية"، مؤكدة أن المغرب يضطلع بأدوار مهمة في مجال التنمية والأمن ودعم الشراكة العربية الإفريقية، اقتناعا منه بأن الرهانات والتحديات، سواء الأمنية أو التنموية، تتطلب إقامة وتعزيز شراكات فعالة، في احترام تام لثوابت وخصوصيات الدول. يعيش المغرب على وقع نزاع مفتعل حول مغربية أراضيه في الصحراء، هل تستطيع القمة العربية الإفريقية أن تساهم في الحل؟ حل ملف الصحراء المغربية بيد الأممالمتحدة، وهي التي تتابعه باستمرار، وكل سنة تطلع على التقرير الخاص للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء المغربية، وكل سنة يشيد أعضاء مجلس الأمن، حين تصويتهم على التقرير السنوي، باستقرار الأوضاع في أقاليمنا الجنوبية، نتيجة المجهود الجبار الذي يبذله المغرب من أجل الاستقرار وضمان التنمية. لقد طرح المغرب مبادرة جريئة، وصفها أعضاء مجلس الأمن بالواقعية والقابلة للتطبيق، هي مبادرة الحكم الذاتي، التي تسعى إلى إيجاد حل سياسي إيجابي، عبر الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية. لكن الطرف الآخر، وهنا لا أقصد الصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف، لأنهم مغاربة، وهم محتجزون في تلك المخيمات، ذلك الطرف لا يريد الوصول إلى حل سياسي، وهذا ما يعيق تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. هل تقصدين الجزائر؟ الجزائر بلد نتمنى أن تسمو علاقتنا معه إلى مستوى أكبر، ونتمنى أن يكون هناك تقارب أكثر، لأن ذلك في مصلحة الجميع، ليس فقط في مصلحة المغرب والجزائر، وإنما في مصلحة المنطقة المغاربية والمنطقة الإفريقية والعربية. ونحن لم نمل من دعوة الجزائر دائما لفتح الحدود مع المغرب، لأن لدينا قيما مشتركة ثقافيا وجغرافيا، وليس هناك أي مبرر لبقاء تلك الحدود مغلقة. أما بالنسبة إلى علاقة الجزائر بملف الصحراء المغربية، فإن كل شيء مكشوف، وأخيرا فقط، وُجهت رسالة باسم الرئيس الجزائري إلى أحد الاجتماعات في أبوجا، بنيجيريا، تدعم موقفا ضد الموقف المغربي في قضية الصحراء، علما أن هذه القضية هي قضيتنا الأولى وليست قضية طرف آخر، ولا يمكن للجزائر أو غيرها أن تتدخل في هذه القضية، ولا يمكن أن يتحدث الرئيس الجزائري، رغم احترامنا لشعب وحكومة وبلد الجزائر، عن مصير مغربي يشكل إجماعا وطنيا. وبالنسبة للمقترح المغربي، فإنه يلقى دعما أكثر على الصعيد الدولي، وهو المقترح الوحيد الذي يحظى باعتراف دولي، بأنه مقترح ذكي وحقيقي ومقبول. ونتمنى أن نتمكن من تفعيل المقترح في أقرب وقت ممكن، لأن منظمة الأممالمتحدة تعترف بجدية المقترح، وتعترف بالاستقرار الذي تتميز به المنطقة، وبحجم الاستثمار والتنمية وخلق فرص الشغل من طرف المغرب، كما تعترف الأممالمتحدة بأن الأقاليم الجنوبية هي اليوم من أفضل الأقاليم المغربية تطورا في جميع الميادين. تعكس القمة العربية الإفريقية توجها جديدا لدول الخليج نحو القارة الإفريقية، هل يمكن أن يصبح المغرب رابطا بين العالم العربي والقارة الإفريقية، باعتباره يتوفر على تجارب وخبرات مع الخليجيين ودول القارة السمراء؟ بخصوص موضوع القمة العربية الإفريقية، أريد أن أهنئ دولة الكويت على نجاحها في احتضان مؤتمر القمة العربية الإفريقية، وجوابا عن السؤال، فإن المغرب، بقيادة جلالة الملك، له تجارب عديدة مع العرب والأفارقة، وله إرادة سياسية كبيرة لتفعيل دوره في هذه القمة، كما للمغرب ريادة في الدبلوماسية الإنسانية. وهنا أستحضر تجربتنا في مالي والدور الذي لعبه المغرب، بأمر من جلالة الملك، ليس فقط في الاهتمام بسكان مالي على المستوى الاجتماعي، لكن، أيضا، بقدرته على تنمية الشعب المالي ثقافيا وروحيا، إذ أن للتأثير الروحي دورا كبيرا في إعادة الاستقرار للمنطقة. ويمكن اعتبار مؤتمر القمة العربية الإفريقية انطلاقة جيدة للشراكة العربية الإفريقية، ونحن كمغاربة كنا ننتظرها، ولنا دور مهم سنلعبه لإنجاح الشراكة العربية الإفريقية. إن للمغرب تجربة قوية في الشراكة الثنائية مع الدول الإفريقية، وأسفرت تلك التجارب عن إنضاج الشروط لعقد شراكات ناجحة مع دول إفريقية عدة، لأنها تأسست على مستوى مشاريع محددة ودقيقة. ومكن التوجه المغربي نحو إفريقيا من إنجاح مهمته في الدخول في شراكات ثلاثية، تضم المغرب ودولة من إفريقيا ودولة ثالثة عربية، لذلك، لدينا تجربة وخبرة في الشراكة مع الدول الإفريقية، ومن الممكن أن نساهم بهذه التجربة. وكما ترون، فإن التقارير والقضايا التي أثيرت في هذه القمة، تتناول الكثير من الميادين منها، كالأمن الغذائي والزراعي، والتقارب الثقافي، وتفعيل المشاركة سواء عبر التمويل أو غيره. على ماذا اتفق وزراء الخارجية في الاجتماع الوزاري الممهد لعقد القمة؟ حصل الاتفاق على جميع التقارير التي ضبطها الخبراء، وأهمها تقرير حول الأمن الغذائي والزراعة، وآخر يهم المعهد الثقافي العربي الإفريقي، وآليات تنسيق الشراكة العربية الإفريقية، إضافة إلى العديد من الأنشطة، التي تستهدف أجرأة الشراكة. ما هي مقترحات المغرب في القمة؟ المغرب له حظوظ كبيرة كي يلعب دورا رياديا في مجالات التنمية العربية الإفريقية، ونراهن على نجاح الشراكة العربية الإفريقية، لكن علينا جميعا، كدول إفريقية وعربية، أن نعلم أنه، من أجل إنجاح هذه الشراكة، لابد من إحداث نوع من التقارب في الرؤى السياسية للدول، ولابد من وجود نية صادقة لكل الدول لإزالة جميع العراقيل، التي يمكن أن تحول دون إنجاح هذه الشراكة. أما عن المقترحات المغربية في القمة، فإن المغرب جاء بمقترحات عدة، تهم الأمن ومكافحة الإرهاب، والاعتناء بتنمية الشعوب، واقترحنا تفعيل دور المنظمات الإقليمية القائمة حاليا، والتي لها تجارب، مثل منظمة دول الساحل، التي تجتمع بصفة متواصلة، لإيجاد حلول كثيرة للمشاكل الأمنية، خصوصا أمن الحدود، وكانت آخر قمة لها هي التي احتضنتها الرباط الأسبوع الماضي، والتي اتخذنا فيها قرار خلق مركز إقليمي لتدريب عناصر الأمن، وهذا النموذج يمكن أن يعمم على المستوى القاري وليس إقليميا فقط. وفي ما يخص الأمن الغذائي والزراعة، الذي وقع التنصيص عليه في إعلان الكويت، فإن للمغرب نموذجا ومخططا عن المغرب الأخضر، وهي الاستراتيجية القطاعية التي نهجها المغرب منذ سنوات، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، والرفع من مستوى عيش صغار الفلاحين. وهذا المخطط يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار كنموذج لتجربة يمكن أن تفعّل، وتنفذ في دول إفريقية أخرى، بشراكة مع الدول العربية. وبخصوص التنمية البشرية في إفريقيا، تقدمنا بمقترح التنمية البشرية، الذي يدعو إلى الاهتمام بالعنصر البشري، لأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية من دون تنمية العنصر البشري، ولنا تجربة جيدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي مكنتنا من مساعدة أكثر من 40 ألف عائلة للخروج من الفقر إلى مستوى معيشي أفضل. وفي محاربة التطرف الديني لحماية الشعوب من خطر الإرهاب، فإن للمغرب تجربة صغيرة قمنا بها مع جمهورية مالي، التي جرى خلالها تدريس وتدريب 500 إمام مسجد على المذهب المالكي الوسطي، ويمكن أن يكون لتعميم هذا التأثير قواعده ومعاييره، التي من الممكن أن نحددها مع الدول العربية. ما هي قراءتكم لإعلان الكويت؟ جاء إعلان الكويت إيجابيا جدا، ويدل على الرغبة السياسية لجميع أعضاء القمة في إنجاح هذه الشراكة، كما أن هناك رغبة من الدول العربية للنظر عن قرب لجميع ميادين الشراكة الممكنة مع القارة الإفريقية. والاهم في هذا الإعلان، هو عزم الدول العربية الانفتاح على الدول الإفريقية، واستعدادها الكامل لإبرام شراكات معها، ولكل ذلك، نحن متفائلون. هل يمكن أن تتحدثي عن مستقبل ومصير طلب مجلس التعاون الخليجي المتعلق بانضمام المغرب والأردن إليه؟ لا يمكننا إلا أن نفتخر بهذا التقارب مع أشقائنا في دول الخليج، وبالفعل، كانت هناك رغبة أعلن عنها منذ سنتين، وصرحنا حينها، كدولة مغربية، أننا نعتبر دول الخليج أشقاء لنا، لكن، قانونيا وواقعيا، يصعب علينا أن نكون شريكا كامل العضوية في مجلس التعاون الخليجي، أولا، بسبب البعد الجغرافي بيننا، كما أن لدينا ارتباطات بدول أخرى في أوروبا وأمريكا وإفريقيا، وعلينا التزامات وشروط، لا يمكن أن نستغني عنها. ولكل تلك الارتباطات الدولية للمغرب، قررنا مع دول الخليج أن تكون هناك متابعة لهذا الطلب، وأن تكون لقاءات متواصلة لإيجاد مجالات للتقارب أكثر فأكثر، وتأتى انعقاد عدد من الجلسات، كان آخرها في الرباط الأسبوع الماضي، وضمت مسؤولين كبارا من دول الخليج، ووقعت الإشارة فيها لميادين عدة للتقارب والشراكة، ونظن أن المستقبل إيجابي جدا لهذا التقارب.