مأوى الشباب بالدار البيضاء من أقدم "بيوت" الشباب بالمغرب، يرجع تاريخ نشأته لثلاثينات القرن الماضي، شهد انتعاشا كبيرا في الآونة الأخيرة، نظرا للازدهار السياحي الذي باتت تشهده بلادنا وهذا ما شجع شباب الدول الأجنبية الذين يعشقون السفر والسياحة، والبحث عن الأماكن النائية والجملية، على المجيء إلى المغرب، لاكتشاف مؤهلاته السياحية والطبيعية. لكن مآوي الشباب لا تقتصر على الأجانب فقط، بل للشباب المغاربة نصيب أيضا، وبأسعار منخفضة جدا. "المغربية" زارت مأوى الشباب بالدار البيضاء، الذي يتوفر على 70 سريرا، مجهزا بجميع المرافق الحيوية، وتحدثت إلى محمد اجعيدان، رئيس الجامعة الملكية المغربية لمآوى الشباب، ورئيس مأوى الشباب بالدار البيضاء. يوجد بالمغرب 13 مأوى للشباب، موزعة على العديد من المدن، وبلغ معدل ليالي المبيت بها، حسب إحصائيات السنة الماضية، 22918 زائرا، 80 في المائة منهم أجانب والباقي مغاربة، حسب محمد اجعيدان، رئيس الجامعة الملكية المغربية لمآوى الشباب. في مركز مدينة الدارالبيضاء، وُضع عدد من الإشارات في أماكن متفرقة تدل الباحثين عن مكان مأوى الشباب، كل الأزقة المتفرعة عن الشوارع الرئيسية تؤدي له، بداية من شارع محمد الخامس وصولا لشارع الموحدين، الذي يوجد بالقرب من محطة القطار الميناء. بوجد المأوى في ساحة احمد البيضاوي الدائرية الفسيحة، المؤثثة بأهم المرافق الحيوية، كالمقاهي التقليدية، التي مازالت تحمل نفحات وعبقا من تاريخ المدينة القديمة، ومركز بريدي، وحمام عمومي، وفندق سنطرال ذي البناية الخلابة والعتيقة، التي توحي بأنها من زمن الهندسة المعمارية، التي أبدعت فيها أنامل المهندسين المعماريين الأجانب، فضلا عن محلات بيع المواد الغذائية. المكان شاسع جدا، تتوسطه حديقة عمومية، مؤثثة بكراسي، تدعو المارة الذين لهم رغبة في سرقة أوقات من زمن ولى للجلوس والتمتع بجمال المكان وهندسته، سيما من سكان المنطقة، أو من زوار مأوى الشباب، الذين يخرجون لإلقاء نظرة على الفضاء قبل أن يحددوا وجهاتهم للتعرف على المدينة العملاقة، خصوصا أن المأوى يمتاز بموقع استراتيجي مهم جدا، إذ يوجد بالقرب من محطة القطار، ومحطة الحافلات، وبالقرب من ميناء الدار البيضاء، ومعلمة مسجد الحسن الثاني، غير بعيد عن شاطئ عين الذئاب. منذ 1936 قال محمد اجعيدان رئيس الجامعة الملكية المغربية لمأوى الشباب، إن "حركة مأوي الشباب ظهرت بالمغرب سنة 1936، وفي سنة 1947 تم تأسيس الاتحاد المغربي لمآوي الشباب والانخراط في الجامعة الدولية لمآوي الشباب، وفي سنة 1975 شاركت الجامعة في تأسيس الاتحاد العربي لجمعيات بيوت الشباب، وتضم شبكة مآوي الشباب المغربية 13 مأوي، موزعة على أهم المدن السياحية، من بينها الدار البيضاء والرباط وفاس ومكناس ومراكش وشفشاون، وورزازات والعيون ووجدة ومراكش ومكناس وطنجة وآزرو. واعتبر في حديثه ل"المغربية" أن مأوى الشباب بالدار البيضاء، منشأة عريقة يرجع وجودها لثلاثينيات القرن الماضي، لكنها عرفت مع مرور الوقت إصلاحات عديدة، وتتوفر على 70 سريرا موزعة على غرف تضم الواحدة منها 5 أسرة، أو 3 أسرة، أو سريرين، مجهزة بجميع المرافق الحيوية، موضحا أن جميع التجهيزات اللازمة متوفرة وكافية، وذلك بمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أما الخدمات التي يقدمها المأوى لزواره فتتمثل في الإرشاد والإيواء للسياح الشباب، وحتى الطلبة الأجانب والمغاربة يمكنهم أن يحلوا بالمأوى إلى أن يتدبروا أمرهم، وأن سعر المبيت يتراوح ما بين 50 درهما و70 درهما، حسب نوع الغرف، والخدمات المطلوبة، وهناك تخفيضات بالنسبة للمجموعات، موضحا أن مأوى الشباب بالدار البيضاء، شهد هذه السنة إقبالا كبيرا من طرف السياح الأجانب من جنسيات مختلفة، نظرا للإنعاش السياحي الذي عرفته بلادنا، التي تنعم بالأمن و الاستقرار، إذ وصل عدد زوار المأوى بالدار البيضاء، إلى حدود أكتوبر المنصرم، إلى 6827 سائحا، يأتي في مقدمتهم سياح من فرنسا، وبلجيكا، ثم ألمانيا، فإسبانيا، واليابان، واستراليا وانجلترا، والقليل من الدول العربية". أنشطة الجامعة وتسعى الجامعة الملكية لمآوي الشباب خلال هذه السنة ، حسب اجعيدان، إلى بذل مجهود استثنائي لتوسيع شبكة المآوي بغاية تنمية السياحة الثقافية للشباب، وتوفير بنيات تحتية لائقة، وهكذا تم التحاق مأوى الشباب الصويرة بالشبكة الوطنية للجامعة في بداية 2013، بينما ينتظر إنهاء الترتيبات الإدارية لفتح مآو جديدة للشباب في بعض المدن أو الجماعات، كمرتيل، وايمسوان، أن جمعيات مآوي الشباب منضوية كلها تحت لواء الجامعة الملكية المغربية لمآوي الشباب، التي تقوم بدور التوجيه والتنسيق حسب الأهداف المحددة لذلك، مضيفا أن مآوي الشباب تقوم بدور مهم في مجال السياحة الثقافية إذا توفر الدعم اللازم لذلك. وفي ما يتعلق بالملتقيات الدولية لمآوي الشباب، التي توقفت في الملتقى السادس لسنة 2010، قال محمد اجعيدان، إن الجامعة الملكية المغربية لمأوي الشباب عضو في لجنة دولية مكونة من 6 جمعيات، 3 جمعيات عربية من المغرب وتونس، ومصر و3 جمعيات أجنبية، من ألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدةالأمريكية، هدفها الأساسي يكمن في تنظيم لقاءات دورية حول السلم في العالم وتكوين مؤطرين لنشر هذه المبادئ تحت شعار "أكن لك الاحترام"، وقد توقفت هذه اللقاءات من أجل تسطير أهداف جديدة للملتقيات. وعن مشاريع الجامعة الملكية لمآوي الشباب، تحدث اجعيدان عن التدريب الوطني لفائدة أطر الاستقبال والتنشيط بمآوي الشباب، الذي ستنظمه الجامعة أواخر سنة 2013، وهو تدريب تكويني لأطر الاستقبال والتنشيط العاملة بشبكة مآوي الشباب المغربية قصد التحسيس بأهمية المواصفات الدولية وتحقيق الجودة في الخدمات، انطلاقا من عروض نظرية وتطبيقية وتداريب معلوماتية وتنظيم ورشات تطبيقية طبقا لتعليمات الاتحاد الدولي لمآوي الشباب. كما ستنظم أيضا في الشهور المقبلة، تحت إشراف الاتحاد العربي لبيوت الشباب ومجلس وزراء الشباب العرب، دورة تكوينية حول "المواطنة والبيئة"، لفائدة 40 مشاركا من مختلف الجمعيات العربية، وسيسطر من أجل ذلك برنامجا غنيا سيتضمن مداخلات وعروضا وزيارات ميدانية وورشات تطبيقية ذات علاقة بالموضوع". وأشار المتحدث إلى أن الجامعة ستعمل أيضا على تنظيم الملتقى الوطني لتربية اليافعين على السياحة الثقافية للشباب، وعيا منها بأهمية السياحة الثقافية للشباب بغية تعريفهم بالمؤهلات التي يتوفر عليها المغرب بخصوص المآثر التاريخية والمعالم الحضرية المواكبة للورش الوطني الكبير في المجال السياحي، وسيستفيد من هذا الملتقى 50 مشاركا ولمدة أسبوع كامل، بهدف التعريف بالمنتوج السياحي الوطني، والتعريف بالسياحة الثقافية للشباب عن طريق عروض متخصصة وورشات تطبيقية ولقاءات فكرية وزيارات سياحية. وأكد اجعيدان أن تنظيم هذا النشاط يتوقف على توفر الدعم المالي كما جاء في المشروع الذي تم عرضه سابقا على مصالح الوزارة، إلى جانب التدريب الوطني لفائدة أطر الاستقبال والتنشيط بمآوي الشباب. وستنظم الجامعة، أيضا، أواخر 2013 تدريبا تكوينيا لأطر الاستقبال والتنشيط العاملة بشبكة مأوي الشباب المغربية وذلك قصد التحسيس بأهمية المواصفات الدولية وتحقيق الجودة في الخدمات انطلاقا من عروض نظرية وتطبيقية وتداريب معلوماتية وتنظيم ورشات تطبيقية طبقا لتعليمات الاتحاد الدولي لمآوي الشباب، علما أنه في شهر شتنبر من كل سنة تنظم جمعية مأوي الشباب بإقليم ورزازات، تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لمأوي الشباب، مجموعة من الأنشطة الثقافية، والرياضية والاجتماعية تحت اسم "قافلة المحبة"، التي عُقدت من 22 إلى 29 شتنبر الماضي، بمختلف دواوير الجماعة، ومن الأهداف التي تسعى القافلة لبلوغها، نشر وتوطيد القيم الإنسانية والاحترام والمحبة والتسامح والتعاون والحوار بين سكان الجماعة وخاصة الشباب المنحدرين من أوساط اجتماعية وثقافية، وتقوية قدرات الشباب على التواصل والإبداع والمبادرة والتضامن. ومن أهم الأنشطة المقرر القيام بها مستقبلا، زيارات المواقع الثقافية والسياحية، وتنظيم ورشات خاصة بأنشطة فنية وثقافية، وحملات صحية، وسهرات للتنشيط التربوي، وعروض متنوعة للتذكير بأقوى اللحظات التي عاشتها قوافل المحبة السابقة، وعرض شريط سينمائي من إنتاج الفنانين المشاركين في القافلة. ومن الأنشطة الثقافية والفنية للجامعة، إحداث مجموعات شبابية للمسرح والموسيقى وتمكينها من استعمال الفضاءات المتاحة وتأطيرها من طرف أشخاص يتوفرون على الكفاءات التقنية لذلك. ومن بين فروع الجامعة التي أعطت للأمر ما يستحق من الأهمية، جمعية مآوي الشباب بمكناس التي كونت مجموعة مسرحية وأشرفت على تأهيلها مما جعلها تقوم بتدريبات وأنشطة داخل فضاء الجمعية، وتعد مسرحيات مكنتها من المشاركة في مهرجانات محلية وإقليمية ووطنية ومغاربية، وبعد نجاح هذا النشاط أقدمت الجمعية أيضا على تكوين مجموعات من عدة تدريبات أهلتها بدورها لإحياء سهرات موسيقية بمقر الجمعية أو خارج المقر في مناسبات وطنية، إلى جانب اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لجمعيات بيوت الشباب، خلال الفترة من 15 إلى 18 فبراير من السنة الجارية، حيث عقد بمأوي الشباب بالدار البيضاء الاجتماع الدوري للمكتب التنفيذي للاتحاد العربي لجمعيات بيوت الشباب، لدراسة عدة نقط ومشاريع تهم الأنشطة المشتركة لجمعيات مآوي الشباب العربية، وكانت مناسبة لعقد جلسة خاصة مع المكتب التنفيذي للجامعة الملكية المغربية لمآوي الشباب ثم الاتفاق خلالها على تنظيم دورة تكوينية لفائدة الأطر الشبابية المنتمية للجمعيات العربية لبيوت الشباب في موضوع "المواطنة والتربية البيئية"، وقد حدد عدد المشاركين في أربعين شابا وشابة، وسيعلن عن موعدها في وقت لاحق. وعن الأنشطة القارة للجامعة الملكية لمآوي الشباب، قال رئيس الجامعة، مما لا يخفى على أحد أن الجامعة الملكية المغربية لمآوي الشباب، إضافة إلى الأنشطة الكبرى التي تنظمها أو تساهم في إنجازها بصفة دائمة وبواسطة مآوي الشباب التي تعمل تحت إشرافها، تنظيم أنشطة تدخل في إطار السياحة الثقافية للشباب أهمها استقبال وإيواء الشباب أفرادا ومجموعات ممن يتوافدون على المغرب من مختلف أقطار العالم إما في جولات سياحية أو للمشاركة في أعمال اجتماعية أو ثقافية أو رياضية أو فنية، وكذلك الشأن بالنسبة للشباب المغربي الذي ينتقل من جهة إلى أخرى، أفرادا وتنظيمات مختلفة، لأغراض دراسية أو رياضية أو ثقافية أو اجتماعية، وفي هذا المجال كانت الحصيلة خلال سنة 2012، استقبال 22918 شابا وشابة. ومن الأهداف الأساسية التي تتوخاها الجامعة توفير الإيواء للجمعيات الشبابية على اختلاف أنشطتها، وذلك بهدف تشجيعها على التنقل والاستفادة من السياحة الثقافية وتحقيق أهدافها. وتتوقع الجامعة خلال السنة الجارية تجاوز هذه الأرقام اعتبارا للإقبال الذي يعرفه النشاط السياحي بالمغرب، فبالنسبة للأشهر السبعة الأولى في هذه السنة فاق عدد ليالي المبيت في مآوي الشباب 15.000 ليلة. كما أن الجامعة تسجل كل سنة بفضل عضويتها في الاتحاد الدولي لمآوي الشباب مئات المنخرطين في أنشطتها بواسطة البطاقة الدولية التي تتيح لهم داخل المغرب الاستفادة من أنشطة وخدمات مآوي الشباب المغربية وخارج المغرب من خدمات الإيواء والمشاركة في أنشطة الجمعيات العربية والأوروبية وغيرها المنتمية للاتحاد الدولي. وبلغ عدد الشباب المغاربة المستفيدين من البطاقة الدولية لمآوي الشباب للموسم الماضي، 570 مستفيدا. وينتظر أن تكون الحصيلة خلال 2013 مماثلة ما لم يطرأ ما يؤثر سلبا في التخمينات. في انتظار الدعم بخصوص المشاكل التي تعرفها مآوي الشباب في المغرب، يقول محمد اجعيدان، إن مآوي الشباب المغربية تعمل معتمدة على مبادراتها وإمكانياتها الذاتية، ويمكن لها أن تحقق انجازات مهمة لو تمكنت من الحصول على الدعم المادي خصوصا من الوزارتين المعنيتين (وزارة السياحة ووزارة الشباب والرياضة).