أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أمس، صلاة الجمعة بمسجد "محمد السادس" بمدينة الرباط. ذكر الخطيب، في مستهل خطبتي الجمعة، بأن من أسس الدين الإسلامي الحنيف ومن مكارم أخلاق شرعه الحكيم، الوفاء بالعهود والعقود، وهو الوفاء الذي أمر الله به عباده المؤمنين في كثير من الآيات القرآنية، كما أمر به نبيه الكريم في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة. وأوضح الخطيب أن العهد الذي يأخذ به المسلم على نفسه ويلتزم به ويحرص على الوفاء به، أنواع، أولها العهد الذي بين العبد وخالقه وهو عهد الإيمان بالله ووحدانيته وعبادته وطاعته بسائر أحكام شرعه، امتثالا لأوامره واجتنابا لنواهيه، وهو العهد الذي أخذه الحق سبحانه على جميع عباده وهم في عالم الغيب، ثم أكده عليهم ثانية حين أخرجهم إلى عالم الوجود في الحياة الدنيا. أما العهد الثاني، يضيف الخطيب، فهو العهد الذي يأخذه العبد على نفسه ويكون في ذمته وعهدته، بمقتضى البيعة الشرعية والطاعة الدينية والنصيحة الواجبة لمن كتب الله له أن يتولى مقاليد أمر الأمة، ويسره لتدبير شؤونها ورعاية أحوالها ومصالح دينها ودنياها، وجعله في مقام الإمامة الكبرى لإقامة شعائر الدين وأحكامه ولتثبيت الحق والعدل ونشر لواء الأمن والاستقرار والطمأنينة بين سائر أفراد ومكونات أمته وشعبه، وأوجب له الشرع عليها حق السمع والطاعة. ويتمثل العهد الثالث، يقول الخطيب، في ما يكون بين الناس من عهود ومواثيق في العلاقات الاجتماعية وما يتم ويحصل بينهم من عقود وشروط في المعاملات اليومية، في حين يهم العهد الرابع ما يكون في ذمة المسلم وعهدته من مال اقترضه من غيره ليوسع به عن نفسه ضائقة مالية، أو يقضي به حاجة معيشية ضرورية، أو ينفس عنه به كربة وشدة طارئة، على أن يرد ذلك الدين لصاحبه في الآجال المقررة دون مماطلة، مشددا على ضرورة أن يكون المسلم وفيا بعهوده وعقوده المشروعة وبجميع ما يقطع على نفسه من التزامات امتثالا لأمر الله بذلك وطاعة له سبحانه وتعالى وأمر نبيه المصطفى وسيرا على هديه وشمائله المحمدية. وأشار الخطيب إلى أنه إذا كان الوفاء بالعهود والعقود أمرا مطلوبا من المسلم في كل أموره وواجبا عليه في جميع معاملاته ينال عليه الرضوان عند الله ويكسب به ثقة الناس ومحبتهم في الدنيا، فإن نقض العهد والإخلال بالعقود يعد من أسوأ المعاملات وأقبح التصرفات ومن أكبر الذنوب والسيئات، يجني منه المرء غضب الله وسخطه عليه في الدنيا والآخرة ويفقد به ثقة الناس في الدنيا، ذلك أن الله يعد المؤمنين الموفين بالعهود والعقود بإكرامهم وحسن جزائهم دنيا وآخرة. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من هذه الأمة مثالا يحتذى في الوفاء بجميع العهود والمواثيق، نصرا عزيزا يعز به الإسلام ويجمع به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد . كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته ومغفرته الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.