تم، بعد ظهر أول أمس الأحد، بالرباط، تشييع جثمان الممثل العالمي المغربي احميدو بن مسعود، المعروف باسم "حميدو"، الذي وافته المنية، يوم الخميس الماضي، بأحد مستشفيات باريس، عن عمر 78 سنة. وبعد أداء صلاتي الظهر والجنازة بمسجد الشهداء، نقل جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير، حيث ووري الثرى بمقبرة الشهداء، في موكب جنازي مهيب، بحضور وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، وأفراد أسرة الفقيد وذويه، وعدد من الفنانين وأصدقاء الراحل من المخرجين والممثلين الرواد والشباب، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات تنتمي إلى عوالم الفن والفكر والثقافة. وتليت بهذه المناسبة الأليمة آيات بينات من الذكر الحكيم، كما رفعت أكف الضراعة إلى الله العلي القدير، بأن يتغمد الفنان الراحل بواسع رحمته، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويجعل مثواه فسيح جنانه. كما توجه الحاضرون بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بأن يطيل سبحانه وتعالى عمر جلالته ويحفظه ويحيطه ويكلأه بعنايته الإلهية، وأن يقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وأن يحفظ جلالته في كافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. وكان جثمان الممثل الراحل حميدو وصل في وقت متأخر، من مساء السبت الماضي، إلى مطار الرباط - سلا. وبعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس ببرقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة الراحل، أعرب جلالته فيها لأفراد أسرة الممثل الراحل، ومن خلالهم لكافة أهله وذويه وكل محبيه وأصدقائه، ولعائلته الفنية الكبيرة، عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة "في فقدان هذا الفنان المبدع، الذي يعد من أبرز نجوم السينما والمسرح الذين أنجبهم المغرب، والذين أثروا الساحة الفنية الوطنية والدولية بأعمال خالدة، سيظل يتذكرها عشاق الفن الأصيل، بفضل ما عرف عن الراحل من خصال إنسانية نبيلة، وأداء متميز، وذوق فني رفيع، وحس مرهف". وانطلق حميدو بنمسعود، الذي ولد في ثاني غشت 1935 بالرباط، في مساره الفني بالمسرح بفرنسا إلى جانب مادلين رونو وجان لوي بارو، من خلال عمل مسرحي لجان جونيه عام 1961. وكان الفقيد، الذي قضى سنوات بفرنسا، البلد الذي "احتضنه وشجعه"، متشبثا بمغربيته حيث كان يحرص، حسب تصريح أدلى به، أخيرا، لإحدى الصحف المغربية، على أن ينادى ب"حميدو المغربي"، ولم يكن يفوت أي فرصة للتعبير عن تشبثه ببلده الأصلي، كما كان يستثمر فرص مشاركته في الأفلام الفرنسية والأمريكية لتسويق صورة الممثل المغربي في الخارج. وكانت أولى خطواته في مجال السينما في السنة نفسها بفضل المخرج الفرنسي الشهير كلود لولوش، الذي أصبح ممثله المفضل. ثم واصل مساره الفني بأدوار في السينما والتلفزيون بكل من فرنسا والمغرب والولايات المتحدة. وفي سنة 1969 شارك للمرة الأولى في عمل سينمائي مغربي، هو "شمس الربيع" للطيف لحلو، قبل أن تتعدد إسهاماته في الساحة الفنية المغربية، وتبرز من خلال دوره الرئيسي في فيلم "للا حبي"، لمحمد عبد الرحمن التازي عام 1997. وتميز مسار حميدو الفني أيضا بمشاركاته العديدة في أعمال سينمائية بالولايات المتحدةالأمريكية، خصوصا أفلام "رونين"، للمخرج الأمريكي جون فرانكهيمر (1998)، أو في "سباي كايم"، لتوني سكوت، حيث مثل إلى جانب الممثلين العالميين روبرت ريدفورد وبراد بيت. وفي عام 2011، شارك في الجزء الرابع من السلسلة الفرنسية التلفزيونية الناجحة "عائشة"، الذي أخرجته السينمائية والوزيرة المنتدبة الفرنسية الحالية المكلفة بالفرنكفونية يامينة بنغيغي. كما شارك الفنان حميدو بأدوار مميزة في أربعين فيلما روائيا وعشرات الأفلام التلفزيونية. وسبق للفنان المغربي حميدو أن فاز بجائزة أحسن دور رجالي في المهرجان الدولي لريو عن دوره في فيلم "الحياة والحب والموت"، لمخرجه كلود لولوش (1969). وفي عام 2005، حصل حميدو على جائزة تكريمية في حفل افتتاح المهرجان السينمائي الدولي في مراكش. وحميدو هو والد الممثلة سعاد حميدو.