اعتبر مركز التفكير الأمريكي الشهير "معهد أبحاث السياسة الخارجية"، الجمعة الماضي، أن زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى مالي، بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد، إبراهيم بوبا كار كيتا، كانت لحظة التحام روحي فريد من نوعه نابع من المكانة الروحية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين المدافع عن إسلام الوسطية وصوت الحكمة والاعتدال. وكتب المركز الأمريكي، المتخصص في الدراسات حول القضايا الاستراتيجية الدولية، أن "جلالة الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، يتمتع باحترام عميق عبر ربوع العالم الإسلامي، وهو ما جسده الاستقبال الشعبي الحار الذي خصص لجلالته خلال زيارته لمالي". واعتبارا لهذا العمق الروحي المتفرد، "اغتنم صاحب الجلالة زيارته إلى مالي من أجل الإعلان عن توقيع اتفاق يقضي بتكوين 500 إمام مالي على عدة سنوات بالمغرب". ونقلت مجلة أبحاث السياسة الخارجية مقتطفات من الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالته، الخميس الماضي، بباماكو، بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد، جاء فيها أن "هذا التكوين، الذي يمتد على مدى سنتين، سيخصص بالأساس لدراسة المذهب المالكي والتعاليم الفقهية والأخلاقية التي تنبذ كل أنواع الغلو والتكفير". ولاحظ كاتب التحليل أحمد الشرعي، ناشر وعضو مجلس إدارة عدة مراكز تفكير أمريكية، أن "الأمر يتعلق بإجراءات ملموسة أعلن عنها العاهل المغربي من أجل قطع الطريق على المدى البعيد أمام الإسلام المتطرف بمالي". بهذا الصدد، أبرز معهد أبحاث السياسة الخارجية أن الخطاب الملكي واللقاء الذي خص به جلالته ممثلي الطريقة التيجانية والطريقة القادرية بمالي شكلت "لحظات فريدة من نوعها وإشارات قوية في طريق تشجيع إسلام معتدل ومتسامح في هذا الجزء من العالم، الذي كان ضحية مطامع الجماعات الإرهابية الظلامية والإجرامية من جميع المشارب". وذكر المعهد، في هذا الإطار، بأن جلالة الملك أشار في خطابه إلى أن "أي مبادرة دولية يتم التنسيق بشأنها دون إيلاء البعد الثقافي والعقائدي الأهمية التي يستحقها، سيكون مصيرها الفشل"، موضحا أن "الإسلام في المغرب وفي مالي واحد، ممارسة وتقاليد. إنه إسلام متشبع بنفس القيم المبنية على الوسطية والاعتدال، وبنفس تعاليم التسامح والانفتاح على الآخر. كما أنه يظل عماد الوشائج الروحية التي تجمع على الدوام بين بلدينا". من جهة أخرى، أبرز معهد أبحاث السياسة الخارجية أن جلالة الملك محمد السادس، في التفاتة تضامنية ليست بغريبة عن ريادته على المستوى الإقليمي، أعلن أن "المغرب، المتشبث بالتعاون جنوب - جنوب، لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم مالي، البلد الجار الشقيق، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبرونها ذات أسبقية". وأضاف جلالة الملك أن "المغرب سيقدم الدعم اللازم لبرامج بلدكم في مجال التنمية البشرية، خاصة في ما يتعلق بتكوين الأطر والبنيات التحتية الأساسية والصحية". وكانت المملكة المغربية أقامت، خلال الأيام الأخيرة، مستشفى عسكريا متعدد التخصصات بباماكو، كما أرسلت مساعدة طبية وإنسانية عاجلة. وقال جلالة الملك إن "التعاون القائم بيننا سيحفز رجال الأعمال على تعزيز انخراطهم في تطوير المبادلات والاستثمارات بين بلدينا، بما يترتب عن هذه الدينامية من توفير فرص التشغيل ومن انتقال للكفاءات ولرؤوس الأموال".