تستعد المخرجة المغربية فريدة بورقية لعرض فيلمها التاريخي "زينب زهرة أغمات"، الذي يتناول جانبا مهما من حياة الأميرة المرابطية زينب النفزاوية، قرينة الملك يوسف بن تاشفين، في مهرجان سلا لفيلم المرأة. المخرجة المغربية فريدة بورقية أكدت بورقية أنها تشارك في المهرجان لعرض فيلمها الجديد، الذي تدور أحداثه حول أشهر النساء المغربيات، دون التطلع إلى أي جائزة من جوائزه، مشيرة إلى أن أي لجنة تحكيم تتكون من ثلاثة أشخاص أو أربعة، لا تستطيع الحكم على أي عمل سينمائي وتقييمه بموضوعية. وشددت على ضرورة إحداث جائزة خاصة بالجمهور، تمنح انطلاقا من تقييم المتتبعين لما يروج من أعمال فنية، لأن الجمهور هو المستهدف الأول والأخير من هذه الأعمال السينمائية. وقالت، في حوار مع "المغربية"، إن الدعم المادي يبقى الهاجس الأبرز للمخرج المحلي، مشيرة إلى أن الأموال المقدمة لا ترقى إلى تطلعات المبدعين وتحد من جودة أعمالهم، مثنية في الوقت ذاته على بعض الأعمال التي ترقى إلى مستوى العالمية. هل أنت مع اختيار فيلم (يا خيل الله) لتمثيل المغرب في مسابقة جوائز الأوسكار؟ ليس هناك شيء يقال سوى إنه يستحق هذا الشرف، فبعد مشاهدتي للفيلم، لمست عملا جبارا للفريق الذي سهر عليه، كما أنه في غاية الحرفية والإتقان، زيادة على الدعم الذي حظي به، وما يتوفر عليه من إمكانيات مادية، ما يجعله قادرا على الوصول إلى خارج، والبروز بقوة، وتمثيل المغرب في محفل عالمي كهذا. لماذا لم يتم اختيار فيلمك "زينب زهرة أغمات" للمشاركة في هذه التظاهرة العالمية؟ تمت دعوتي لترشيح الفيلم لخوض غمار المنافسة على مقعد لتمثيل المغرب في جوائز الأوسكار، لكنني أقتنع بالفكرة فنجاح هذا الأمر يتطلب إمكانيات مادية كبيرة، لأن هذه التظاهرة عالمية بكل المقاييس، وتشترط معايير كثيرة لا تتوفر في فيلم تاريخي أنجز بميزانية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها هزيلة. العديد من الأفلام، التي اختارتها اللجان المتعاقبة، التي كنت في بعض الأحيان من بين أعضائها فشلت في اجتياز الدور الأول. فانتقاء بعض الأعمال لا يعني وصولها بالضرورة إلى العالمية، فلطالما اخترنا أجود الأفلام المغربية للمشاركة في هذه المسابقة، لكنها لم تحقق شيئا يذكر. وأتمنى أن ننتج أفلاما كبيرة في المستقبل القريب تستطيع تمثيل المغرب، أما في المرحلة الراهنة فأعتقد أن الأمر مستبعد. كيف تنظرين إلى استفادة بعض المخرجين المغاربة من الدعم الخارجي؟ أعتبرهم محظوظين، لأن لهم جوازات سفر وجنسيات أجنبية يستفيدون منها، أما نحن فنبقى مغاربة لنا جوازات سفر وطنية، نعيش التخبط وسط صعوبات هذا القطاع، ولا أحد يكترث بما نعيشه، فأي عمل نقوم به يتطلب جولات عديدة، واستغلال واسع لشبكة المصادر التي كوناها على مدى سنوات من العمل الشاق من أجل عرض أعمالنا. ما مدى تأثير هذا الدعم على جودة أعمالهم؟ هناك من يتعامل مع فرنسيين وأمريكيين وإيطاليين مما يرفع من جودة أعمالهم، وهذه الأفلام هي التي تنجح في معظم الأحيان في العبور إلى خارج أرض الوطن، في حين تبقى الشركات الأجنبية مستعصية علينا نحن الذين نشتغل داخل المغرب، لصعوبة إقناعها بنجاح أي تعاون، وبنوع المواضيع التي نقدمها، لكن يبقى نجاح الأفلام الوطنية داخل البلد وبلوغها مستوى تطلعات المشاهد المغربي مطلبا للجميع، والربح الأكبر للفنان والمخرج في آن واحد، اللذين يبقى همهما الوحيد هو الإنتاج والإبداع من أجل المغرب والمغاربة وليس الأجانب. ما مدى تأثير التعامل مع الشركات الأجنبية على هوية الفيلم المغربي؟ بالنسبة لهذه الشركات، الأمر له علاقة باستثمار مدروس، ينبني على التعامل مع مواضيع مثيرة للجدل، مثل مواضيع الجنس والاغتصاب وغيرها، ما يجعله بعيدة كل البعد عن التعامل مع الإبداعات ذات الصلة بالهوية المغربية مهما بلغت قيمتها، فعلى سبيل المثال فيلمي الأخير "زينب زهرة أغمات"، يصعب إيجاد شركة تقبل بضخ أموال طائلة لإنجازه نظرا لطابعه التاريخي، زيادة على كون إنتاجهم لبعض الأعمال ينبني على مدى قابلية عرضها في القاعات السينمائية العالمية. ألا تفكرين في التعامل مع شركة أجنبية؟ لا أعتقد ذلك، لأنني لا أبحث أساسا عن دعم خارجي، ولم أعهد التعامل مع شركات أجنبية، كما أنني أفضل الحفاظ على مغربيتي، والسير على المنوال نفسه الذي بدأته منذ ولوجي هذا الميدان رغم الصعوبات التي أواجهها، ويبقى أكبرها مشكل الدعم، الذي يحد من جودة الأعمال المقدمة، ويدفع بالمخرج إلى التضحية بممتلكاته الخاصة عله يتمكن من إنجاز عمل ناجح. ماذا تقدمه المهرجانات للمخرج المغربي؟ الدعم الوحيد، الذي تقدمه المهرجانات للمخرج المغربي هو الدعم المعنوي، أما المادي فلا حديث عنه، كما أن الجائزة الأهم والواجب خلقها هي جائزة الجمهور، الذي يبقى الحكم الأول والأخير على مختلف الأعمال المنجزة. سبق وكنت حاضرة في مهرجان أبو ظبي، وأثار انتباهي توجههم إلى منح الحضور فرصة تقييم العمل قبل مغادرة قاعة العرض، فهناك أعمال كثيرة منحتها لجان التحكيم جوائز مختلفة، لكن رأي الشارع فيها كان سلبيا، لذلك أتساءل عن الجدوى من منح جوائز عديدة لفيلم لا يلقى أي إقبال جماهيري يذكر. ماذا تنتظرين من مشاركتك في مهرجان سلا؟ في حقيقة الأمر، هاجسي الأول والأخير هو الوصول إلى قلوب المغاربة، وإرضائهم بهذا العمل، ومنح المغرب منتوجا فنيا تاريخيا، يوثق لحقبة زمنية من ماضينا المجيد، وتقريب الجمهور بشكل أكبر من زينب النفزاوية، خاصة الشباب والأطفال ليتعرفوا على بعض رموز التاريخ المغربي، أما بالنسبة للجوائز وما إلى ذلك فلا تشغل بالي بتاتا، كما أتطلع إلى حضور طلابي كبير أثناء العرض كي يعيش هؤلاء الشباب تاريخنا المغربي، عوض الاكتفاء بدراسته داخل قاعات الدرس. ما الدافع في نظرك وراء توجه عدد من المخرجين نحو "الطابوهات"؟ تناول هذه المواضيع لا تحمل في طياته أي أهداف غير معلنة، فعلى سبيل المثال أفلام نور الدين لخماري، رغم طابعها الجريء، إلا أنني لا أستوعب انتقادها من طرف البعض، لكون مواضيعه مستقاة من الواقع المغربي، كما أنها تعبير محايد وصادق عما نعيشه يوميا من أحداث. إلا أن الانتقاد يبقى هواية من لا هواية له، وخير دليل على ذلك هو توجه أحدهم منذ مدة قصيرة إلى انتقاد تشخيص فاطيم العياشي لدور زينب النفزاوية، بناء على أعمال سبق وقدمتها، والغريب في الأمر أن هذا الانتقاد يأتي قبل مشاهدته للفيلم، الشيء الذي لا أقبله بالمرة، فمن يريد التعقيب على هذا المنتوج عليه مشاهدته أولا، وحينها كلي آذان صاغية، وعلى استعداد لمناقشته في أي جزئية يختارها.