تندرج العلاقة بين المغرب ومجلس أوروبا في إطار خيار استراتيجي يروم مواءمة عمل المملكة مع المعايير الأكثر رقيا في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون. ويعكس التقارب مع هذه المؤسسة العريقة الخيارات الديمقراطية الثابتة للمغرب والتي كرسها الدستور الجديد من أجل توطيد وتعزيز مؤسسات الدولة الحديثة القائمة على مبادئ المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة. ويشمل هذا التعاون، الذي يؤطره مخطط العمل "أولويات 2012 - 2014 بالنسبة إلى المغرب في إطار التعاون مع الجوار" المصادق عليه من قبل الجانبين في 24 أبريل 2012 بستراسبورغ، ثلاث دعامات كبرى، هي الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان، والتي تنخرط العديد من القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية في تنفيذها. وتتمحور الأهداف الرئيسية المسطرة لهذا التعاون متعدد الجوانب في إطار مخطط العمل سالف الذكر، حول استفادة المغرب من تجربة مجلس أوروبا في ما يخص دينامية التحديث من خلال، على الخصوص، تقديم الخبرات والممارسات الجيدة والتكوين والاستشارة ومراقبة الانتخابات والمرافقة والتدريب. كما تروم هذه الأهداف تعزيز حضور المغرب داخل بنيات مجلس أوروبا وتشجيع مشاركته في الاتفاقيات والميكانيزمات وتقريب التشريعات المغربية من المعايير المعمول بها من لدن المجلس، في أفق التوقيع على بعض الاتفاقيات التي تخص هذه المنظمة والمفتوحة في وجه البلدان غير الأعضاء. وعلى الصعيد البرلماني، فإن منح الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وضع شريك من أجل الديمقراطية للبرلمان المغربي في يونيو 2011 من شأنه تعزيز التبادل الموضوعاتي بين المشرعين من الجانبين، بما يمكن من تعزيز قدرات الهيئتين التشريعيتين (مجلسا النواب والمستشارين) لاسيما في ما يتعلق بتطبيق مقتضيات الدستور الجديد. وفي هذا السياق، أكدت مصادر برلمانية مغربية أهمية هذه الشراكة في "إثراء دستورنا واستلهام أفضل النماذج، الأمر الذي سيمكننا من ربح الوقت وعدم إنتاج أشياء تم تجريبها من قبل وتدوينها في السجلات والتقارير". وتتمثل هذه الشراكة كذلك، في مشاركة وفد برلماني دائم في أشغال الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وإشراك الموظفين بالمؤسسة التشريعية في هذا المسلسل من خلال دورات تكوينية متخصصة. وعلى المستوى القضائي، تم منح المغرب وضع "عضو ملاحظ" باللجنة الأوروبية لكفاءة العدالة ليكون بذلك أول بلد عربي وإفريقي يتبوأ مقعدا داخل هذه الهيأة التي تعمل من أجل تحسين فعالية وسير عمل العدالة في البلدان الأعضاء وتطوير عملية تنفيذ الآليات المعدة من قبل مجلس أوروبا. ويهدف التعاون مع هذه اللجنة التابعة لمجلس أوروبا، إلى تعزيز قدرات النظام القضائي المغربي في أفق تحديثه وتحسين طرق اشتغاله، من خلال مشاركة قضاة مغاربة في أشغال اللجنة بغية تثمين قدرات المهنيين المغاربة العاملين في قطاع العدل. كما يتيح وضع "عضو ملاحظ" أيضا الاستفادة من مختلف الشبكات المهنية الأوروبية. وعلاوة على الجوانب المرتبطة بالعمل البرلماني والقضائي، يشمل التعاون مع مجلس أوروبا مجال تعزيز دولة القانون، خاصة عبر شبكة خبراء لجنة "البندقية" التي يعتبر المغرب عضوا فيها، والمشاركة في تظاهرات موضوعاتية. كما يهم مؤسسة الوسيط ومحاربة الرشوة وغسيل الأموال والجرائم الإلكترونية والإصلاح الترابي والديمقراطية المحلية والحكامة الجيدة ومجتمع الإعلام. ويغطي التعاون بين مجلس أوروبا والمغرب أيضا اتفاقيات ومعاهدات مجلس أوروبا. ويعتبر المغرب عضوا كامل العضوية في عدة اتفاقيات جزئية للمجلس، من بينها "لجنة البندقية" و"مركز شمال جنوب"، و"الاتفاق الجزئي الموسع حول الرياضة" و"مجموعة التعاون من أجل الوقاية والحماية وتنظيم الإغاثة ضد المخاطر الطبيعية والتكنولوجية الكبرى" و"مجموعة بومبيدو". وفضلا عن ذلك، يعد المغرب عضوا ملاحظا في العديد من الاتفاقيات التي تغطي مجالات متعددة، من ضمنها الاتفاقية المتعلقة بالحفاظ على الحياة البرية في الوسط الطبيعي لأوروبا (اتفاقية بيرن) والاتفاقية الخاصة بعنف وتجاوزات المشجعين خلال التظاهرات الرياضية بما في ذلك مباريات كرة القدم، واتفاقية مكافحة المنشطات، واتفاقية حماية التراث الأركيولوجي والمساعدة الإدارية المتبادلة في المجال الضريبي. (و م ع)