بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. لوحة 'الفقيه مولاي بوشعيب' شكلت غلاف مجلة 'فيتري' الفرنسية احتفظت بسر منامي وذهبت إلى بائع الصباغة، واقتنيت منه فرشاة وصباغة يستعملها الصباغون في طلاء جدران المنازل، فلطخت ملابسي وضحكت على حالي أكثر من مرة، وبعدما اقتنيت الادوات الخاصة بالرسم، كانت أول لوحة عبارة عن مناظر طبيعية من صميم البيئة التي نشأت وترعرعت فيها. هذه قصة حكايتي مع أول لوحة، فأنا لم أدرس الرسم، ولم أكن أظن في يوم من الأيام أن أصبح فنانة تشكيلية. الشعيبية تؤمن بالموهبة الإلهية وبالفن الخام، إذ أعطى الكثير من الأسماء اللامعة في الساحة الفنية، تقول ألواني تحمل العديد من الأسرار، فالألوان الصارخة تعجبها لأنها ألوان الطبيعة التي عاشت في أحضانها وبالنسبة للأحمر والأخضر فعشقهما من عشق المغرب لأنهما يحيلان على لوني علم بلدي. قال الحسين طلال إن والدته كانت تركز بمناسبة افتتاح كل معرض تقيمه، على ثلاثة أشياء، تتمثل في عبارة" ملكي، بلادي، وتصويري الصباغي". ظلت الشعيبية وفية لطقسها الصباغي، إذ من صغرها تستيقظ باكرا وتصلي صلاة الفجر، ثم تخلو في وحدتها إلى لوحاتها التشكيلية، ولا تحب أن يزعجها أحد، تقول إن الفكرة هي أصعب مرحلة في الرسم، وبعد ذلك يبقى التطبيق، فإنه لا يأخذ منها أكثر من أسبوع من التفرغ الكامل. شاركت الشعيبية في معرض بالرواق البلدي بفرنسا تحت عنوان " دور النساء في الفن المعاصر"، وفازت على 107 فنانات من نساء العالم، وذلك بفضل الله وبفضل اجتهادها، وكانت لوحتها "الفقيه مولاي بوشعيب" هي صورة ملصق هذه التظاهرة الإبداعية العالمية، وهي اللوحة ذاتها التي شكلت غلاف مجلة "فيتري" الفرنسية. وعن ابنها طلال استعارت المثال الشعبي المصري " ابن الوز عوام" ، فابني الحسين له وزن في الساحة الفنية، فقد فاز بعدة جوائز، واختير أكثر من مرة كأحسن رسام في مناسبات عديدة، وكان ذلك طبيعيا، لأنه فتح عينيه في بيت ينضح ألوانا فجدرانه مزينة بالعديد من القماشات المائية واللوحات الزيتية، ومن ثمة تولد لديه الشعور بالفن والميول إليه، إضافة إلى الموهبة. الشعيبية تسعى دائما إلى التجديد، فأعمالها الآن على الزرابي في إطار "الفن الوظيفي"، فهذا فن قائم بذاته، فالتجديد حسب طلال، لقي استحسانا وإقبالا جماهيريا منقطع النظير، وبخصوص تركها التشكيل، فتخلص إلى أن هذا الأمر من سابع المستحيلات.