بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. الشعيبية رفقة مكتشفها الأول بيير كودبير في افتتاح أحد معارضها الباريسية في حديثها للصحف والمجلات لا تتوانى الشعيبية عن قول الحقيقة، فحين سألتها إحدى الناقدات في الفن عن الفنانة فاطمة حسن، التي تنافسها ردت ابنة اشتوكة بقولها إن "الأقاويل كثيرة جدا، وما يمكن أن أقول في هذا الباب أنني أحترم هذه الفنانة، وأحترم إبداعاتها، إذ تتميز بلون وطريقة خاصين في الرسم، ولي لون ونهج خاص بي، وحتى إن كانت هناك منافسة في أول رحلتي مع الفن، فهذا ليس عيبا. وأضيف أن المنافسة الآن أصبحت بيني وبين أكبر فناني العالم". في حديثه كشف طلال أن قصة والدته مع أول لوحة بدأت منذ طفولتها، كما حكت له، حين عاشت وسط بيئة قروية محافظة بالقرب من مدينة أزمور، وتحديدا في منطقة اشتوكة منذ الصغر، إذ حكت للحسين أنها تحاول ابتكار أشياء من الطين، وتحاول صنع مخلوقات عجيبة. وقالت في شهادة لها "كنت أحب الجلوس لوحدي خصوصا في الطبيعة، أنعم بمناظرها الخلابة، وأقضي وقتا ممتعا في جمع الأزهار والورود الجميلة، لكن طفولتي سرعان ما حرمت التمتع بها، بعد مضي سنتين فقط من زواجي، اذ بالمسؤولية تكبر، خصوصا حين أصبحت أما للحسين وأرملة في الوقت نفسه وتحتم علي الخروج للبحث عن عمل شريف أعيش منه أنا وابني. وذلك ما حصل، إذ عثرت على شغل شريف أكسب منه لقمة شريفة، وكان الأمل والتفاؤل بجانبي في كل خطوة". وفي إحدى الليالي جاءني رجل طاعن في السن في المنام، كان يرتدي جلبابا أبيض، وكان يمسك بين يديه قفة، فقال لي انهضي، إن ما بداخل هذه القفة هو الطريق الذي سيكسبك العمل والشهرة، وعندما فتحت تلك القفة وجدت فرشاة وأصباغا، وبعد أن قمت في اليوم الموالي، احتفظت بسر منامي وذهبت إلى بائع الصباغة، واقتنيت منه فرشاة وصباغة يستعملها الصباغون في طلاء جدران المنازل، فلطخت ملابسي وضحكت على حالي أكثر من مرة، وبعدما اقتنيت الادوات الخاصة بالرسم، كانت أول لوحة عبارة عن مناظر طبيعية من صميم البيئة التي نشأت وترعرعت فيها. هذه قصة حكايتي مع أول لوحة، فأنا لم أدرس الرسم، ولم أكن أظن في يوم من الأيام أن أصبح فنانة تشكيلية.