يبدو الهلع باديا في صفوف إخوان تونس من أن تشملهم تأثيرات سقوط نظرائهم في مصر. ذلك الهلع بدا واضحًا في تصريحات رئيس كتلة حركة النهضة الحاكمة في المجلس التأسيسي، الصحبي عتيق، الذي هدد بتشنّج نشطاء حركة "تمرّد" والمعارضين لحكم النهضة بالاستباحة في الشوارع. أعمال عنف في تونس العاصمة (أرشيف) ففي الوقت الذي تحشد حركة تمرّد التّونسيّة التّوقيعات والأنصار وسط دعم بعض الأحزاب، أثار خطاب رئيس كتلة حركة النّهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق حفيظة عديد الحساسيّات السياسيّة والحقوقيّة التي اعتبرت أنّها تصريحات خطيرة وتهديد مباشر لكل من يخالف حركة النّهضة ويعارضها. وتراوحت ردود الفعل بين رافض ومندّد بما أُعتبر تهديدًا وجرًّا للبلاد إلى حرب أهليّة وحركة استباقيّة خوفًا على الكرسيّ بعد سقوط الإخوان في مصر، وبين مطالب برفع الحصانة عن النّائب الإسلامي ومقاضاته وبين متقدّم بشكوى ضدّ الصّحبي عتيق بتهمة التّحريض على العنف ضدّ معارضي حركة النّهضة. وقال القيادي في حركة النهضة الصحبي عتيق في خطاب وجّهه لأنصار حزبه، خلال مظاهرة للتنديد بقرار الجيش المصري عزل الرئيس محمد مرسي، "نقول للذين داسوا على إرادة الشعوب لو فكرتم في دوس الشرعية في تونس، ستدوسكم الجماهير بأقدامها... من يستبيح إرادة الشعب سيستباح... كلّ من يستبيح إرادة الشعب المصري أو الشعب التونسي سيستباح في شوارع تونس". من جهته، عبر محمد بنّور النّاطق باسم التكتّل الديمقراطي، من أجل العمل والحرّيات، أحد الأحزاب الحاكمة، عن رفضه لتصريح الصّحبي عتيق، باعتبار أنّه سيفرّق بين التونسيّين ويقسمهم إلى شقّين، مؤكّدًا أنّه أحدث استياء كبيرًا داخل حزبه. قال بنّور "القوى الديمقراطيّة تعمل حاليًّا لإيجاد وفاق وطني يخدم هذه المرحلة فنجد أنفسنا أمام تصريح متشنّج، فيه تهديد مباشر للمعارضين والمخالفين في التوجّهات والرؤى". وأستغرب النّاطق باسم التكتّل الديمقراطي للحرّيات والعمل صدور مثل هذا الخطاب عن نائب في البرلمان مهمّته الأصليّة كتابة الدّستور ومراقبة عمل الحكومة، على حدّ قوله. ردًّا على تصريحات الصحبي عتيق، قال هيثم العوني النّاشط بحركة تمرّد تونس موجّهًا كلامه له "إنّنا قادمون لنهدم المجلس التأسيسي على رأس من خان الشعب التونسي". أضاف العوني أنّ تصريحات عتيق تؤكّد أنّ حركة النهضة المنتمية للتيّار الإخواني، حركة ديكتاتورية أصولية، لا تؤمن بالديمقراطية حسب قوله. كما أشار إلى أنّ حركة تمرّد جمعت إلى اليوم مئات الآلاف من التوقيعات المطالبة بحلّ التأسيسي. من جانبه، وصف القيادي في حزب نداء تونس لزهر العكرمي تصريح رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق بالإرهابيّة، داعيًا إيّاه إلى الاتعاظ بما حدث للإخوان المسلمين في مصر. من جهة أخرى، رفع الإعلامي سفيان الشورابي دعوى قضائيّة ضدّ رئيس كتلة حركة النّهضة بالمجلس التأسيسي لرفع الحصانة عنه بسبب تحريض أنصاره على قتل المعارضين للحكومة، على حد تعبيره. وأوضح الشورابي ل"إيلاف": "خطاب الصحبي عتيق دعوة صريحة وواضحة للتقاتل والتطاحن بين أبناء الوطن الواحد، فعوض أن يقوم مسؤول بحزب حاكم بالتواصل مع المعارضين وتحقيق مطالب التونسيين غير الراضين على سياسة الحكومة الحالية، ها هو يحرض أنصاره ومريديه لقتل المعارضين". وأضاف "هذا التصريح يكشف حجم الفزع الذي أصاب قيادات النهضة على خلفية تمرد الشعب المصري ضد الرئيس المخلوع محمد مرسي". ونقلت وكالة الأنباء الرّسميّة في تونس عن المحامية ليلى بن دبّة قولها إنّ "محامين ومواطنين رفعوا شكايات ضد رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق بتهمة "حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح". من جهته، علق الأستاذ في القانون الدستوري قيس سعيد على تصريحات رئيس الكتلة البرلمانيّة لحركة النهضة الصحبي عتيق، معتبرًا أنه من المفروض أن يدرك كل مسؤول أنه في موقع مسؤولية، وأن أي تصريح تكون له تبعات، سيسجله التاريخ قبل أن تسجله المحاكم أو المجالس النيابية. وأوضح أستاذ القانون الدستوري أن الديمقراطية لا يمكن أن تُبنى باستباحة دم أي كان، موضحًا أن مقاضاته تتطلب رفع الحصانة عنه رئيس كتلة ذات أغلبية رغم أنه لم يوجّه خطابه إلى جهة معيّنة.