اشتهرت مدينة مراكش بعدة أسماء من بينها "سبعة رجال"، وارتبطت برجالاتها، الذين بصموا حياتها الدينية والروحية، وألهموا الكثير من الكتاب والأدباء وشعراء الملحون، من خلال حسهم الإنساني والأخلاقي، ما دفعنا إلى الالتفات لظاهرة هؤلاء الرجالات. يوجد ضريح مولاي إبراهيم سليل الشرفاء الأمغاريين بمنطقة كانت تعرف باسم "كيك"، وهي منطقة جبلية تقع في إحدى مرتفعات الأطلس الكبير، كانت إلى حدود بداية القرن العاشر الهجري شبه خالية من السكان، إذ لم يكن بها سوى سبع عائلات عندما قصدها الولي الصالح مولاي إبراهيم قادما إليها من مدينة مراكش. لقب بطير الجبال لأنه كان يعيش في خلوته الاختيارية بجبل "كيك" التي مازالت من أهم المزارات الأثرية إلى الآن. نشا في بيئة صوفية محضة بزاوية تامصلوحت التي أسسها جده عبدالله بن حسين بتوجيه من شيخه عبدالله الغزواني، أحد رجالات مراكش المعروف ب"مول القصور"، وعندما اشتهر أمره وتوسم الناس فيه الخير اجتمعوا عليه وتتلمذوا له واختار لزاويته منطقة جبلية محصنة "كيك" تاركا زاوية تامصلوحت في السهل حيث أسرته وعصبيته ومريدو والده وجده، فشاع ذكره وانتشر ذكره فقصده المريدون من مختلف الجهات. لزيارة ضريح الولي الصالح مولاي إبراهيم الذي يبعد عن مدينة مراكش بحوالي 50 كلم يستوجب على كل زائر أن يمر عبر نقطة إستراتيجية تصطف فيها وسائل النقل مرورا بالسويقة عبر أدراج إسمنتية التي تستقبله بطابور من العشابة يقدمون كل أصناف الأعشاب والشموع وجلود بعض الزواحف ك (القنفذ، الثعلب، الضربان، الحرباء)، بجوارهم دكاكين قزمية ل"الشوافات" يذبن مادة "ألدون" فوق النار حيث تتحلق حولهن عشرات النساء ينتظرن ما ستراه الشوافات في ذلك السائل الغريب الذي يحل كل الإشكالات، كما تنتشر بالسويقة المؤدية للضريح أعداد كبيرة من المتسولين بعضهم يعرض "بركة" مولاي إبراهيم وهي عبارة عن أشياء بسيطة جدا (عقيق أو مفاتيح). الزائر للمنطقة سيقف على جملة من الظواهر والطقوس الغريبة المتفشية بالقرب من ضريح مولاي إبراهيم، والتي تدر على ممتهنيها مداخيل مهمة وفي مقدمتها الشعوذة، حتى أصبح ممتهنو هذه المهنة يؤكدون للزوار بأنهم قادرين على شفاء مختلف الأمراض المستعصية وحل مختلف المشاكل التي يتخبط فيه الزائر للمنطقة من خلال ترديد عبارة "غير دير النية واجلس والله تاي حيد منك العكس". يعرف ضريح مولاي إبراهيم الذي يصطف بمدخله طابور من المتسولين يجلسون جنبا إلى جنب في انتظار ما سيجود به زوار الضريح الذي يتكون من بهو كبير تتوسطه نافورة للوضوء، توافد مجموعة من الزوار خصوصا النساء والفتيات من مختلف الأعمار، يتحلقن حول الضريح للتبرك بكرامات وبركات الولي الصالح من أجل "قضاء الحاجة" وتلبية الطلبات مقابل قربان يقدم في شكل هدية للولي التي تختلف باختلاف الفوارق الطبقية حيث يكتفي الضعفاء بالضوء (قرطاس الشمع). يتحدث زوار ضريح مولاي إبراهيم عن مجموعة من الروايات والحكايات التي أصبحت تختزلها الذاكرة الشعبية بالمنطقة، من ضمنها حكاية سيدة كانت مريضة على مستوى الرأس فقامت بزيارة عدة أطباء اختصاصيين داخل المغرب وخارجه ولم يجر العثور على نوع المرض الذي كانت تعاني منه رغم الكشوفات الطبية بواسطة السكانير، وعند إخبارها ببركة الولي الصالح من إحدى صديقاتها انتقلت إلى ضريح مولاي إبراهيم وغسلت رأسها بماء البئر الموجود داخل الضريح فدهب عنها تلك الآلام الذي كانت تشكو منها. تقول زهور (36 سنة) مصابة بالمس من نواحي سيدي بنور، التي اعتادت زيارة الضريح في لقائها مع "المغربية" أحس بمرض يثقل كاهل جسمي وعندما أزور الولي الصالح مولاي إبراهيم أشعر بالراحة والطمأنينة".