قضى الدولي المغربي السابق مصطفى يغشى أكثر من 15 سنة متنقلا بين الفرق السويسرية، لكنه ظل وفيا لبلده، ولم يكن يتردد في تلبية نداء الدفاع عن القميص الوطني، مثلما ظل هذا الرجل الدكالي وفيا لأصوله، ولدرب السلطان، حيث قضى طفولته، والدارالبيضاء، التي قضى بها مرحلة مهمة من حياته، في هذه الأوراق يقلب يغشى أوراق مسار جميل. لم تنجب حلبات أم الألعاب (ألعاب القوى) حتى اليوم مثل العداء الأميركي جيسي أوينز، الذي هز العالم مرتين، الأولى عندما حطم وعادل ستة أرقام قياسية في مدى 45 دقيقة، والثانية عندما أحرز 4 ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية، التي استضافتها برلين عام 1936. وسطر أوينز "الأسود" المولود في 12 شتنبر 1913 في دانفيل (الاباما)، اسمه بأحرف من ذهب في سجل ألعاب القوى العالمية في وقت لم تكن وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية تملك القوة والسرعة كما هي الحال في عصرنا هذا. وأبهر أوينز العالم في الألعاب الأولمبية في برلين وفي مقدمتهم الزعيم النازي أدولف هتلر عندما أحرز أربع ميداليات ذهبية لمنتخب بلاده الولاياتالمتحدة، الأولى في سباق 100 متر، عندما سجل 3ر10 ثوان (2ر10 ث في التصفيات)، والثانية في سباق 200 متر (7ر20 ث)، والثالثة في الوثب الطويل (06ر8 متر)، متقدما على البطل الألماني لوتس لونغ، والرابعة مع منتخب بلاده في سباق التتابع 4 مرات 100 متر (8ر39 ثانية). وكان هتلر توقع أن تكون الألعاب الأولمبية فرصة لتأكيد تفوق البيض على السود، وهي الفرضية التي وضع لها أوينز حدا بتأكيده العكس. وفي هذا الصدد صنف الرئيس الأميركي بيل كلينتون جيسي اوينز أحد أفضل عشرة رياضيين في القرن العشرين، وقال "لم يسجل أوينز الأرقام القياسية فقط، بل حطم خرافة هتلر القاضية بتفوق البيض، مؤكدا أن العرق ليست له علاقة بالانتصارات في السباق". كان أوينز الابن العاشر لعائلة بدوية لم يكن لها أي موطن، كان أجداده عبيدا، واستقر والداه في كليفلاند في العشرينيات، وكان لمؤهلاته البدينة الأثر الكبير في دخوله جامعة أوهايو. وانشغل اوينز، صاحب القلب الكبير، بمشاكل السود، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور إلى تسميته "السفير المتجول للولايات المتحدة في بلدان العالم الثالث". ومن المواقف البارزة لأوينز معارضته مقاطعة أولمبياد موسكو، وقال "إننا مخطئون بمقاطعة الألعاب، لا يجب معاقبة العدائين بأخطاء رجال السياسة". وتوفي أوينز بسبب إصابته بمرض السرطان في الرئة، في مستشفى جامعة اريزونا في توسكون في 20 مارس 1980 وعمره 66 عاما. وفي عام 1984 في برلين دشنت أرملة أوينز بحضور رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الاسباني خوان انطونيو سامارانش "ممر جيسي أوينز" بالقرب من ملعب برلين، حيث حقق زوجها الراحل إنجازه التاريخي.