طابور الخبز، مكان محفوف بالمخاطر في مصر، فقد سقط فيه قتلى والفساد يشوب معظم جوانب قطاع إنتاج الخبز وبيعه. الإخوان يسعون للتغلب على الصعوبات من خلال جمعيات مدنية (خاص) تقول جماعة الإخوان المسلمين، التي صعدت إلى الحكم في مصر إن المشاكل التي تكتنف القطاع هي التي دفعتها لأن تسلك مسلكا جديدا في توصيل الخبز من المخابز إلى المنازل. قال محمد جابر، وهو ناشط من جماعة الإخوان المسلمين يقود مشروعا لتوصيل الخبز في منطقة القباري القديمة المتهالكة من الإسكندرية، حيث قتل شخصان من بين خمسة أشخاص آخرين في الإسكندرية أثناء مشاجرات على الخبز في غشت الماضي- "لا أعمل في إنتاج الخبز، لكنني خصصت وقتي له نظرا لأهميته". وقد يثمر المشروع نتائج أخرى أيضا. فالحكومة المصرية التي يقودها الإخوان تفقد الدعم الشعبي. وتقول جماعات المعارضة إن الرئيس محمد مرسي وحكومته لا يملكون الكفاءة لإدارة الاقتصاد ولا ينشغلون سوى بترسيخ نفوذهم. في الوقت نفسه يشكو الإخوان علنا من العراقيل، التي تضعها مؤسسات الدولة والبيروقراطيون. وفي مواجهة العجز عن تغيير النظام من الداخل بدأ الإخوان نشر عمال في الشوارع لمعالجة المشاكل اليومية، التي يعانيها الملايين. والخبز من أكثر القضايا سخونة في مصر. ففي عام 1977 تفجرت أحداث شغب حين قرر الرئيس الراحل أنور السادات خفض دعم الخبز، وفي 2008 واجه الرئيس السابق حسني مبارك اضطرابات، عندما تسبب ارتفاع أسعار القمح في نقص الخبز، وعندما انتفض المصريون ضد حكم مبارك قبل عامين كان هتافهم الرئيسي "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية". والحملة الرامية لتحسين قطاع الخبز مهمة شاقة باعتراف الإسلاميين أنفسهم. يقول أحمد عيسى، المسؤول الكبير في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين إن نحو 500 منظمة غير حكومية بدأت توزيع الخبز، خلال الشهور القليلة الماضية ليس كنوع من العمل الخيري، لكن للتحايل على المشكلات في النظام القائم. وليس هناك معلومات مفصلة عمن يدير هذه المنظمات، لكن إن اتخذنا مدينة الإسكندرية الساحلية كمثال فالهيمنة للإخوان المسلمين. وذكر مسؤول في الحرية والعدالة بالإسكندرية أن الحكومة أصدرت تراخيص لخمسين منظمة غير حكومية لتوزيع الخبز المدعم بالمدينة وأن نحو نصف هذه المنظمات ترتبط بعلاقات وثيقة مع الإخوان. والأمر لا يتعلق بالخبز وحسب. فقد أرسل حزب الحرية والعدالة أيضا متطوعين للتأكد من توزيع الوقود المدعم ومراقبة محصول القمح. ورغم أنه يمكن لأي منظمة غير حكومية المشاركة.. تلعب المبادرات على نقاط قوة الإخوان: العمل التطوعي الذي تقوم به الجماعة منذ عقود والقدرة على العمل المنظم في الشوارع أكثر مما يستطيع خصومها. ويقول منتقدون إن المبادرة تبرز قصور الإخوان في الحكومة وتهدف إلى إخفاء إخفاقاتها. قال خليل العناني الأكاديمي في جامعة دورهام بانجلترا والخبير في شؤون الجماعة "الإخوان واقعون تحت ضغط الفشل في إدارة مصر، ويحاولون التغلب على ذلك من خلال التركيز على مشكلات الحياة اليومية". ويضيف "لا يثقون في مؤسسات الدولة. يعرفون أن هناك نوعا من المقاومة لذلك يفضلون التصرف بأنفسهم للحفاظ على شعبيتهم". ولأن واحدا من بين كل أربعة مصريين يعيش تحت خط الفقر على أقل من 1.65 دولار في اليوم يعتمد الملايين على الخبز المدعم، الذي يباع بخمسة قروش (أقل من سنت أمريكي) للرغيف وهو سعر حددته الدولة ولم يتغير، منذ 1989 ويساوي اليوم سُبع التكلفة الحقيقية. والخبز أيضا مصدر دخل لكثير ممن يتزاحمون خارج المخابز عند الفجر. فالالاف يعيدون بيع كميات من أرغفة "العيش البلدي" في السوق السوداء كما تباع كميات منه لأصحاب المراعي الذين يجدون فيه غذاء لماشيتهم أرخص من العلف. وفي حي القباري المتهالك بالإسكندرية، حيث بدأت المنظمة غير الحكومية التي ينتمي إليها جابر في توزيع الخبز في أبريل، تمكنت عائلة من السيطرة على إنتاج مخبز افتتحته الحكومة عام 2010. واشتبك ناشط سلفي من أبناء الحي أغضبته سيطرة العائلة على إنتاج الخبز مع أفراد من العائلة في غشت الماضي، وخلال الأحداث قتل الناشط بالخرطوش والأسلحة البيضاء في مسجد مجاور للمخبز. وقال سكان إن شخصا من العائلة لقي حتفه طعنا. وقضت محكمة بسجن ثلاثة أشخاص عن قتل السلفي.