اختتمت فعاليات "مهرجان تاونات الوطني لفنون العيطة الجبلية" يوم الأحد الماضي، الذي نظم أيام 14 و15 و16 يونيو الجاري في دورته الثانية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، في أجواء طبعها الإقبال المكثف لسكان تاونات والضواحي على منصة العروض الموسيقية. أحد عروض فرقة نابلس من فلسطين تجمهر السكان على نحو واسع، ليُقدر عدد المتفرجين ب 16 ألف مشاهد خلال اليوم الأخير من المهرجان، وفق ما صرح به بعض المنظمين ل"المغربية". وبدت الساحة المحاذية لعمالة تاونات غاصة بالجمهور المتفاعل مع الفقرات الموسيقية، حيث استطاعت فرق العيطة الجبلية وفرقة إسبانية من قاديس (الفلامينكو) خلال اليوم الأخير من المهرجان شد انتباه الجمهور إلى حين انتهاء عروضها، بعدما ارتفع عدد المتفرجين من 8 آلاف خلال اليوم الأول إلى ما يناهز 16 ألف متفرج، حسب إفادات بعض المنظمين، الذين نوهوا بتجاوب السكان مع المهرجان بشكل يشجع على تفعيل برامجه وتطويرها في الدورات اللاحقة. من جهته، قال حسن هرنان، المدير الجهوي لوزارة الثقافة، جهة تازةالحسيمة تاونات، إن "المهرجان في دورته الثانية حقق مكاسب مختلفة من أهمها تجديد التواصل مع سكان الإقليم وجهاته، وكذا تمكين فرق العيطة العريقة من التعريف بنفسها للجيل الراهن و وتسليم موروثها الفني للأجيال القادمة. وأضاف أن "احتضان تاونات لهذا المهرجان كان بناء على مقومات عديدة، راعت فيها وزارة الثقافة خصوصيات الإقليم على اختلاف أبعادها، ما ساهم في خلق اتحاد فني، تجلى في مشاركة جميع الفرق التي تبدع في فنون العيطة الجبلية". وأضاف هرنان، أن "المهرجان سعى إلى دعوة عدد من الفرق المتشبعة بفنون العيطة من مختلف أقاليم المغرب، ما جعل فعالياته تتسم بتنوع الوصلات الغنائية وإن كانت جميعها تصب في لون فني واحد هو "العيطة الجبلية"، ما قاد الجمهور إلى الالتحاق بمنصة العروض ومتابعة فقراته باهتمام وتجاوب كبيرين، سيحتفظ به الإقليم ضمن سجل تاريخه وتراثه الطويل". واحتضن المهرجان الوطني للعطية الجبلية فقرات غنائية ورقصات العيطة الجبلية لمجموعة من الفرق الشعبية المعروفة بهذا النوع الغنائي من أبرزها تاونات وطنجة وتطوانوالعرائش وأصيلة والقصر الكبير وكذا المناطق الجبلية بالأطلس المتوسط والريف. وشمل اليوم الأول من المهرجان تقديم عروض "السمفونية الجبلية" بتاونات بمشاركة فرقة أحمد الإناجي وفرقة بوشتى العبادي، وفرقة المهدي بالفقيه وفرقة المختار الجنحي وفرقة حسن العبادي، إضافة إلى تقديم فرقة لطيفة العروسية من مدينة شفشاون للعيطة الجبلية والرايلة، ثم تقديم جمعية النخيل للركبة والفنون الشعبية المحلية القادمة من زاكورة لتراث الركبة، في حين كان اليوم الثاني حافلا بعروض فرقة نابلس من فلسطين التابعة ل"جمعية مركز حواء للثقافة والفنون"، التي قدمت "الدبكة الفلسطينية"، إضافة إلى فرقة "طيور لجبال" من العرائش التي استعرضت "العيطة الجبلية"، وكذا فرقة لمساري عبد الرحمان من تطوان، ومجموعة الشريفة من الأطلس التي قدمت العيطة الأمازيغية. في حين شمل برنامج اليوم الثالث من المهرجان عروضا موسيقية أبدعت فيها الفرقة الإسبانية وفرقة لمفضل لمساري من الشاون (العيطة الجبلية)، وفرقة نجاة أجلمام من الحسيمة للتراث الريفي، والفرقة الوزانية للعيطة الجبلية. في الصدد ذاته، حرص المهرجان على تحقيق أنشطة موازية سطرها ضمن برنامجه طيلة ثلاثة أيام، تتمثل في تنظيم ندوات ثقافية وفكرية وموائد مستديرة تبحث في جذور هذا الفن وتقنياته وتثمن غنى التراث الجبلي وتقدم وسائل وسبل الحفاظ عليه، بمشاركة مثقفي المدينة والجهة والمهتمين بمجال العيطة الجبلية، وتنظيم معرض للأزياء التقليدية بالجهة، مع إبراز دور المرأة الفني والثقافي، بموازاة تقديم العروض الفنية للمخزون الثقافي الشعبي بالجهة وكل ما يرتبط بتقنيات التعبير الشعبي الشفوي والجسدي والمكتوب، حسب نص بلاغ المديرية الجهوية لوزارة الثقافة. من جهة أخرى، فإن "مهرجان تاونات الوطني لفنون العيطة الجبلية"، الذي أشرفت عليه وزارة الثقافة بتنسيق مع عمالة تاونات والمجلس البلدي لتاونات، سيكون بمثابة التزام تتعهد وزارة الثقافة بالحفاظ عليه وضمان استمراريته، في سياق تشجيع كل المبادرات الثقافية لأبناء الإقليم وتقوية البنيات الثقافية به، وفق ما جاء في رسالة من وزير الثقافة لسكان تاونات. كما أن الإقليم سيشهد استكمال الأوراش التي توجد في طور الإنجاز كترميم قلعة "أمركو" بجماعة "مولاي بوشتى"، وتسريع وتيرة أشغال بناء دار الثقافة بمدينة تاونات، لتحقيق ما تصبو إليه المنطقة من نهضة ثقافية تواكب ما تزخر به من طاقات ثقافية مبدعة في مختلف الفنون، ومن تراث ثقافي مادي وغير مادي يشكل فن العيطة الأصيل واسطة عقده، حسب نص الرسالة. يشار إلى أن المهرجان لقي استحسانا من لدن سكان تاونات والضواحي، عبروا عنه بالتوافد الكبير على عروضه ومتابعة أنشطته الموازية، خاصة أن فرق العيطة الجبلية والفلسطينية والإسبانية، برزت أمام جمهورها بزيها وحليها التقليديين، لتخلق انسجاما وديا بينها وبين السكان المتعطشين لمثل هذه التظاهرات الفنية.