لم تزد تطمينات الحكومة حول تحسن صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الجزائريين إلا قلقا قبل عام من الانتخابات الرئاسية، مستغربين نقل رئيسهم للعلاج في مستشفيين فرنسيين عسكري ومدني، أما الصحافة فعادت للتساؤل حول دافع السلطة "لإخفاء الحقيقة عن الشعب". آخر الصور الرسمية لبوتفليقة قبل نقله إلى المستشفى العسكري الفرنسي (خاص) أعلن قسم الصحة في الجيوش الفرنسية في بيان أن الرئيس بوتفليقة (76 عاما)، الذي دخل في 27 أبريل الماضي، مستشفى فال دو غراس بباريس، نقل أول أمس الثلاثاء إلى مستشفى عسكري باريسي آخر "ليواصل فترة نقاهته". وقال عضو في الحكومة الفرنسية في وقت سابق إن الرئيس الجزائري سينقل إلى مستشفى "لانفاليد (وسط باريس) ليواصل فترة نقاهته". وأعلن رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، مساء الاثنين الماضي، أن الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة "تشهد تحسنا يوما بعد يوم، وأنه يخضع للراحة بهدف الشفاء التام" كما أنه "يتابع يوميا نشاطات الحكومة في انتظار عودته لمواصلة مهامه خدمة للجزائر والأمة". لكن هذا الكلام أثار تساؤلا جوهريا بنظر بعض الجزائريين حول ضرورة خلود بوتفليقة إلى الراحة ومواظبته في الوقت نفسه على العمل. وقال كمال (45 سنة) الموظف في مؤسسة للإعلام الالكتروني "لم أفهم كيف أن مريضا يطالبه الأطباء بالخلود إلى الراحة يواصل العمل، وكأنه في مكتبه من خلال متابعة كل الملفات والتوقيع على المراسيم". وكان بيان لرئاسة الوزراء أكد أن "رئيس الجمهورية وقع الأحد على مرسوم رئاسي يتضمن ترسيم تاريخ 22 أكتوبر يوما وطنيا للصحافة" وهو تاريخ صدور العدد الأول من صحيفة "المقاومة الجزائرية" في 1955، أي بعد عام على اندلاع حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي. وكان بوتفليقة قرر عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير في 3 ماي تخصيص هذا التاريخ كيوم وطني للصحافي في رسالة ضمنها، أيضا تطمينا حول حالته الصحية. وبرأي مريم (38 سنة) الأستاذة في جامعة الجزائر، فإن تصريحات عبد المالك سلال "لا تزيدني إلا قلقا ولا تبعث على الاطمئنان إطلاقا". وأضافت مريم المتخصصة في علم الاجتماع "إذا كان الرئيس بحالة صحية جيدة كما قال طبيبه عندما أعلن إصابته بجلطة دماغية غير خطيرة، فلماذا لا يظهر على التلفزيون ويتحدث بنفسه للجزائريين، ليسكت المشككين والمتحدثين عن وجوده في غيبوبة والسياسيين الداعين إلى تطبيق المادة 88 من الدستور". وتنص المادة 88 من الدستور الجزائري على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا. وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع". ووصفت صحيفة النهار الجزائرية المقربة من دوائر السلطة المطالبين بتفعيل المادة 88 من الدستور، ب"الانقلابيين". وتحت عنوان كبير في الصفحة الأولى "هؤلاء.. يريدون الانقلاب على بوتفليقة!"، كتبت الصحيفة " يبدو أن هناك محاولات جادة لتنفيذ انقلاب دستوري على الرئيس بوتفليقة، في نسخة معدلة من مشاهد الربيع العربي، الذي أتى أكله في بلدان مجاورة لكنه فشل فشلا ذريعا في الجزائر". ونشرت النهار مع المقال في الصفحة الأولى صور هشام عبود مدير صحيفتي "جريدتي" ونسختها باللغة الفرنسية "مون جورنال"، الذي نشر خبر وجود بوتفليقة في "غيبوبة عميقة" وإعادته للجزائر ما دفع بوزارة الاتصال إلى منع صدور عدد يوم الأحد الماضي. وكذلك نشرت صور عبد الرزاق مقري رئيس حزب حركة مجتمع السلم الإسلامية ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور المرشح لرئاسيات 2014 والطاهر بن بعيبش رئيس حزب الفجر الجديد وجيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، وكلهم دعوا إلى تطبيق المادة 88 من الدستور، لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية وتنظيم انتخابات سابقة الأوانيها.