حظي الجنود المغاربة الشجعان، الذين بذلوا أرواحهم دفاعا عن حرية بلجيكا٬ أول أمس الأحد بكومبلو٬ بتكريم رسمي ومؤثر٬ وذلك بمناسبة تخليد الذكرى ال73 لمعركة كومبلو. وأبرز المشاركون في الاحتفالات٬ التي نظمت في ميموريال آيمس بكومبلو (40 كلم جنوببروكسيل) بالمقبرة الكبرى بشاستر، حيث دفن نحو مائة جندي مغربي سقطوا في ساحات الشرف لتحرير أوروبا من النازية والفاشية٬ الأهمية القصوى لتخليد هذه الذكرى التي تبقى حية وتعد مرحلة من التاريخ المشترك للمغرب وبلجيكاوفرنسا. وانتهز مسؤولون رسميون من الدول الثلاثة هذه المناسبة لتسليط الضوء على الجهود الكبيرة التي بذلها الجنود المغاربة الذين كانوا يقاتلون في صفوف قوات التحالف٬ مشددين على ضرورة تخليد واجب الذاكرة التاريخية المشتركة التي تشكل تراثا غنيا بالبطولات، تكشف وتكرس العديد من القيم الإنسانية والكونية السامية التي يتعين على الجميع الحفاظ عليها. وجرت هذه الاحتفالات٬ التي تميزت بتحية أعلام كل من الدول الثلاثة، وغرس الورود لفائدة ذاكرة الجنود الذين قضوا في الحرب٬ على الخصوص٬ بحضور رئيس مجلس النواب البلجيكي، والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير٬ وسفير المغرب في بلجيكا واللوكسمبورغ، وسفير فرنساببروكسيل. وقال بونوا ديسبا، عمدة كومبلو٬ في كلمة بالمناسبة٬ إن الجنود المغاربة الذين قاتلوا إلى جانب الفرنسيين والبلجيكيين يوجدون اليوم في ذاكرتنا وفي قلوبنا بكل قوة٬ مضيفا أن العديد من بينهم فقدوا حياتهم في المعارك ضد الغازي النازي، تاركين لأسرهم المكلومة خليطا لا يوصف من فخر أداء الواجب والحزن على حياة تعرضت للكسر. وأضاف "إننا نحتفي بهم اليوم بشكل مؤثر ورسمي ومخلص لأنه في هذه اللحظات الدقيقة نشعر كأحرار بالاعتراف الخالد الذي يستحضر تضحياتهم". من جهته٬ أشاد عمدة شاستر، كلود جوسارت، بشجاعة المغاربة "الذين جاؤوا ليموتوا على أرض غير أرضهم والتي باتت لهم منذئذ" مؤكدا أن أقاربهم سيكونون دائما مرحبا بهم بشاستر التي تواصل دون كلل الحفاظ على ذكرى التضحيات المبذولة من طرف المقاتلين المغاربة من أجل حرية بلجيكا. بدوره٬ أوضح رئيس مجلس النواب البلجيكي، أندريه فلاهوت، أنه حرص، حينما كان يشغل منصب وزير قدماء المحاربين، على افتتاح احتفالات تخلد ذكرى معركة كومبلو لفائدة كل الذين قاتلوا وبذلوا أرواحهم في سبيل حرية بلجيكا٬ مضيفا أن هدفه يكمن في جعل هذه الاحتفالات حدثا متعدد الثقافات وذا طابع دولي. وأضاف أن حضور المغاربة والعديد من الجنسيات يعطي لهذه الاحتفالات بعدا دوليا٬ مبرزا أن هذا الأمر يتعين أن يتواصل لأن السلام يكتسي صبغة دولية ولا يحمل أي لون أو توجه سياسي أو فلسفي. وفي ختام هذه المراسم٬ ناقش المشاركون حول مائدة غداء نظمتها السفارة المغربية ببروكسيل الدور المحوري الذي اضطلع به الجنود المغاربة بكومبلو للدفاع عن قيم السلام والحرية في أوروبا. وأوضح سفير المغرب في بلجيكا واللوكسمبورغ، سمير الدهر، أن تخليد معركة كومبلو يشكل مناسبة لإبراز التضحيات الكبرى التي بذلها الجنود المغاربة في الفترة ما بين 13 و 16 ماي 1940، مبرزا أن هذه المناسبة تكتسي، سنة بعد أخرى، بعدا بيداغوجيا وتربويا موجها نحو الشباب المغربي المنحدر من الهجرة الذي سيكون مدعوا لتخليد واجب الذاكرة لكي لا تقع الأعمال التي بذلها أجدادهم في مهب النسيان. وأوضح مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن تخليد معركة كومبلو يشكل فرصة لإبراز القيم الوطنية والتضحيات، وحس الواجب، وكذا قيم الحرية والكرامة البشرية والتعايش التي دافع عنها المغرب دائما. وعبر رئيس جمعية (ذاكرة قدماء المحاربين المغاربة ببلجيكا) أحمد الروثي، عن الأمل في أن تساهم ذكرى التضحيات، التي بذلها الجنود المغاربة في إرساء مجتمع أكثر عدلا وتخلد قيم السلام والأخوة بين المغاربة والأوروبيين. يذكر أن 233 جنديا مغربيا لقوا مصرعهم في معركة كومبلو-شاستر، وهو الانتصار الأرضي الوحيد الذي حققه الجيش الفرنسي في ماي 1940 والمعركة الأولى التي استخدمت فيها الدبابات في التاريخ العسكري الدولي.