تحاول الحكومة الليبية مقاومة الضغوط، التي تمارسها الميليشيات المسلحة التي تطالب بتنحي رئيس الوزراء علي زيدان ومسؤولين آخرين في البلاد، في جو من التوتر السياسي الشديد. سيارات بيك آب محملة بالمدفعية تجوب شوارع طرابلس (خاص) يبدو أن وزير الدفاع محمد البرغثي كان أول الخاضعين لهذه الضغوط مع إعلانه الثلاثاء الاستقالة من منصبه، قبل أن يقنعه رئيس الوزراء بالعدول عن هذا القرار. وقال الوزير للصحافيين "لقد حانت الساعة ولحظة الشجاعة لأجد نفسي مضطرا (...) أن أعلن عن تقديم استقالتي طواعية ودون تردد". وأضاف "لن أرضى أن تمارس السياسة بقوة السلاح في دولتنا الجديدة بعد ثورة 17 فبراير المجيدة". وجاء هذا الإعلان في وقت واصلت مجموعات مسلحة تطويقها المستمر منذ أسبوع لوزارتي الخارجية والعدل. وكان المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة في البلاد، أقر قانون العزل السياسي لمسؤولي النظام السابق. وهذا القانون الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ خلال شهر، قد يشمل البرغثي بصفته قائدا سابقا لسلاح الجو في عهد الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي. إلا أن الوزير قرر في النهاية بعد ساعتين على إعلان استقالته، البقاء في منصبه إثر تدخل رئيس الوزراء. وأوضحت الحكومة أن رئيس الوزراء طلب من وزير الدفاع التراجع عن استقالته في حين أبدى الوزير تفهمه بالنظر إلى الظروف، التي تمر بها البلاد وأكد استمراره في أداء مهامه. وأشارت الحكومة في بيانها إلى أنها لم تتلق رسالة استقالة رسمية من البرغثي. وفشلت السلطات في تشكيل جيش وشرطة منذ نهاية الثورة التي أطاحت بنظام القذافي الذي قتل في أكتوبر 2011، في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تعاظما لقوة الميليشيات المسلحة. وبعد الاتهامات المتكررة التي واجهها رئيس الأركان في الجيش الليبي يوسف المنقوش بالوقوف وراء تأخير تشكيل جيش، قرر المؤتمر الثلاثاء استبداله، وفق ما أفادته مصادر نيابية عدة. وأوضحت ماجدة الفلاح عضو المؤتمر الوطني الليبي لوكالة فرانس برس "أننا حددنا مهلة شهر لاستبداله". وفي بادئ الأمر، كان المحتجون يسعون إلى الضغط على المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة في البلاد، لتبني قانون العزل السياسي. لكن بعد إقرار هذا القانون المثير للجدل، الذي يؤدي إلى عزل عدد من كبار المسؤولين في البلاد، قامت مجموعات مسلحة بتوسيع مروحة مطالبها مطالبة برحيل رئيس الحكومة علي زيدان. وأكد أحد هؤلاء وهو محمد بن نعمة "إننا ثوار ونريد تصحيح مسار الثورة"، منتقدا تهميش الحكومة للثوار السابقين الذين قاتلوا قوات القذافي. وواصلت عشرات الآليات المزودة بمدافع مضادة للطيران وقاذفات ار بي جي تطويق وزارة الخارجية التي نصب المحتجون خارجها خيمة وفق مراسل فرانس برس في المكان. لكن أمام وزارة العدل، غادر غالبية المحتجين المكان غير أن خمسة مسلحين أبقوا على مواقعهم قبالة المبنى. وقال أحد هؤلاء المسلحين "بعد إقرار قانون العزل السياسي، حققنا هدفنا. إننا ننتظر أي مسؤول من الوزارة لتسليمه رسميا المبنى". وردا على سؤال فرانس برس، أوضح وزير العدل صلاح المرغني أن "الموظفين لن يعودوا إلى الوزارة طالما أن هناك أسلحة". وقال إن آليتين مزودتين بمدافع مضادة للطيران ما تزال داخل الوزارة. وأضاف المرغني "إذا استمر هذا الحصار"، فإن الوزارة ستنقل مقرها إلى "مدينة أخرى أكثر أمنا". ويوجه بعض المراقبين والسياسيين اتهامات للإسلاميين بالوقوف وراء حركات الاحتجاج المسلحة بغية تنحية منافسيهم الليبراليين عن الحكم. ويعتبر تحالف القوى الوطنية الفائز في انتخابات السابع من تموز/يوليو التشريعية، أن قانون العزل السياسي تم تفصيله على قياس بعض القوى بهدف إزاحة قائد التحالف محمود جبريل. وكان جبريل عمل مع النظام السابق خصوصا خلال السنوات الأخيرة من عهد القذافي قبل الانضمام إلى صفوف الثورة في عام 2011 وتولي رئاسة أول حكومة للثورة.