أثارت دورية رئيس الحكومة رقم 26.2012، المتعلقة بالتغيب غير المشروع عن العمل، قلق أعضاء تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد جانب من وقفة نظمتها عائلات الأطفال التوحديين أمام البرلمان (خاص) وذلك تبعا لتوالي الشكاوى والتساؤلات المطروحة على التحالف من قبل أسر التوحديين، خاصة الأمهات العاملات، اللواتي يتخوفن من الانعكاسات السلبية للتطبيق الحرفي لهذه الدورية. ووجه التحالف مذكرة مطلبية إلى رئيس الحكومة، توصلت "المغربية" بنسخة منها، تطالب بملاءمة التوقيت الإداري مع الالتزامات المترتبة عن إعاقة الأبناء، وتحسيس المسؤولين الإداريين بأهمية دعم مرؤوسيهم أولياء الأشخاص التوحديين، وتخفيف ساعات العمل المطلوبة منهم، مع تسهيل نقل أمهات التوحديين إلى أماكن عمل أزواجهن. وتدعو المذكرة إلى اعتبار أم الشخص المعاق في وضعية إعاقة، أيضا، وتمتيعها بملاءمة توقيت العمل مع ظروف إعاقة ابنها، والاسترشاد بالتجارب الدولية في نظم حماية ودعم الأسر، من خلال نظام التخفيف من ساعات العمل بنسب توازي نسبة الإعاقة والاعتماد على الذات. ويستند التحالف في مطالبه إلى مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها المغرب، ما يقضي، حسب المذكرة، بملاءمة كافة التشريعات الوطنية، بما فيها الدوريات والمذكرات الإدارية مع مقتضياتها. وقالت سمية عمراني، عضو تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد، في تصريح ل"المغربية"، إن فكرة رفع المذكرة إلى رئيس الحكومة تأتي بسبب قلق الأسر، خصوصا الأمهات، اللواتي يجدن أنه من الصعب التطبيق الحرفي لدورية رئيس الحكومة، سيما أنها تتضمن بنودا صارمة وترتب عقوبات تأديبية، على الرئيس والمرؤوس، بينما تواجه الأمهات تحديات التكفل العلاجي بأبنائهن التوحديين، وضرورة مرافقتهم إلى مراكز الترويض والتأهيل. وأكدت عمراني "عدالة مطلب أمهات الأطفال التوحديين، ما يجعل منه مطلبا حقوقيا يرمي إلى لفت انتباه المسؤولين إلى تحقيق شروط المواطنة الكاملة، وصون كرامة حاملي إعاقة التوحد، في غياب أي نظام للتكفل التربوي الممنهج والمنظم لفائدة الأطفال ذوي إعاقة التوحد، موازاة مع انعدام كافة أشكال الدعم والحماية المؤسساتية". وأضافت عمراني "رغم دعم التحالف لروح الدورية الهادفة إلى ضمان مساواة المواطنات والمواطنين أمام المرفق العمومي وضمان استمرارية السير العادي فيه، إلا أن عائلات التوحديين قلقة من احتمالات تضرر العديد من الموظفين والموظفات، آباء وأمهات الأشخاص المعاقين عموما والتوحديين بشكل خاص"، مشيرة إلى أن التحالف يطالب رئيس الحكومة بالاسترشاد بمقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في ما يخص المصلحة المثلى للطفل، والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعامل مع ملف الأمهات العاملات، والاسترشاد بتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإعلان داكا. وأورد التحالف في المذكرة المطلبية مجموعة من التحديات لأمهات الأشخاص التوحديين الموظفات، مثل تأمين المرافقة اليومية لأبنائهن إلى حصص الترويض والتأهيل والدعم النفسي، وتأمين التدريب اليومي والتأهيل لأبنائهن، والأمر الذي يستغرق ساعات طويلة يوميا، تؤثر بشكل مباشر على قدراتهن التفاوضية كأمهات عاملات. ينضاف إلى ذلك، مواجهة الأمهات لضغط الاحتياجات اليومية للطفل التوحدي، وتنازل الموظفة الأم عن تطلعاتها المهنية في الترقية، وتكفلهن الكلي بمصاريف التمدرس والعلاج ورواتب المساعدين التربويين، ومواجهة الطوارئ المتعلقة بتغيب المساعدين التربويين أو انقطاعهم المتكرر عن العمل. يجدر بالذكر أن المذكرة المطلبية أرفقت بمعلومات وافية حول طبيعة إعاقة التوحد، ومنطلقات مطالب الأسر، منها أن التوحد والاضطرابات المشابهة تعتبر إعاقة في النمو، تؤثر بدرجات متفاوتة على أداء الدماغ، ما يؤدي إلى اضطرابات في التفاعل الاجتماعي، وفي التواصل اللفظي وغير اللفظي، وتقليص الاهتمامات، إضافة إلى السلوكات النمطية المتكررة والمضطربة.