ناقش خبراء فرنسيون ومغاربة، أول أمس الاثنين، بمدينة مونتون (جنوب شرق فرنسا)، المقومات التي جعلت من المغرب استثناء في المنطقة في الوقت الذي تتصاعد المخاوف بخصوص حالة عدم الاستقرار وضعف الأمن التي تسود عددا من دول جنوب المتوسط. واستعرض المشاركون٬ خلال هذه الندوة، التي حضرها جمهور كبير من أساتذة وطلبة جامعة العلوم السياسية ب"مونتون"، بمناسبة صدور كتاب "الاستثناء المغربي" تحت إشراف الأكاديميين شارل سان برو وفريديريك روفيلو٬ التطورات الراهنة في المنطقة وقدموا مساهمات توخت تقديم فهم أفضل لتفرد التجربة المغربية. وبعد أن سلط الأساتذة نجيب با محمد(كلية الحقوق بفاس)، وأمين بنعبد الله (كلية الحقوق بالرباط)، وتيري رامبود (العلوم السياسية وباريس ديكارت)، الضوء على التحول الدستوري الذي عرفه المغرب٬ وتعزيز مبدأ دولة الحق والقانون وتقوية الحريات الأساسية٬ ومنها النهوض بحقوق المرأة٬ أبرز فريديريك روفيلو الطابع الإصلاحي للملكية في المغرب٬ سيما بعد تولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش سنة 1999. وأكد أن هذه السمة الإصلاحية مكنت من استباق الأزمة من خلال استكمال العمل على ثلاثة محاور هي "تعزيز مبدأ دولة الحق والقانون٬ وحماية الحريات الأساسية٬ وتحديث الهياكل٬ والأوراش الاقتصادية والاجتماعية الكبرى". وشدد على أن المغرب "يتوفر على كافة المؤهلات كي يصبح بلدا صاعدا"٬ مؤكدا أن الملكية بالمغرب٬ الممتدة على قرون٬ لا تشكل فقط "أساس استمرار الدولة والهوية الوطنية والتقاليد المغربية٬ ولكن أيضا محركا للإصلاح والتقدم". وأضاف أن المغرب يعد "استثناء في ظل حالة الفوضى والأزمات"، التي اجتمعت تحت شعار 'الربيع العربي". من جانبه٬ تطرق شارل سان برو٬ مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية في باريس٬ للتحديات الجيوسياسية الكبرى التي تواجه المنطقة٬ مدافعا عن الكيفية التدريجية التي اتسمت بها الإصلاحات في المغرب. وأوضح أن "الأمر لا يتعلق بقلب الأمور رأسا على عقب٬ وإنما هو مواصلة لجهود بناء دولة حديثة٬ منسجمة مع هويتها وتقاليدها التاريخية٬ ومحافظة على التوازنات الجيوسياسية الكبرى". وبحسب الأستاذ سان برو٬ "فإنه لا يمكن إنكار الاستثناء المغربي من المنظور الجيوسياسي"٬ مضيفا أن "المغرب أثبت في العديد من الملفات أنه مثال لإسلام إصلاحي معتدل"٬ وهو ما يجعل منه "قطبا للتوازن الإقليمي وفاعلا أساسيا في الحوار بين الحضارات". وأكد أن للمغرب "سياسة ديناميكية"، تغذيها الروابط التاريخية والإنسانية والدينية مع إفريقيا التي تشكل "عمقها الاستراتيجي"٬ مبرزا أن المملكة تعد "فاعلا مهما في تسوية الإشكالات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء٬ التي تهددها الجماعات الإرهابية وشبكات الاتجار بالمخدرات٬ ومجموعات الناشطين مثل جبهة (البوليساريو)". وقال إن المغرب يعد "طرفا أساسيا في الحوار والتعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط"٬ كما يواصل العمل على تعزيز الشراكات المتقدمة مع دول الاتحاد الأوروبي٬ بما في ذلك فرنسا٬ التي تعد شريكته الرئيسية و"صديقته الدائمة والمخلصة" كما تبين ذلك٬ مرة أخرى٬ الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمملكة. وتم خلال حفل عشاء أقامه نائب عمدة مونتون، جان كلود غيبال، عقب الندوة٬ تكريم المتدخلين٬ ومدير الحي الجامعي للعلوم السياسية بمونتون برنارد الغول٬ الذي رحب ب"دوام ومتانة" العلاقة الفرنسية المغربية، وهو ما اعتبره ضروريا لتحقيق الاستقرار وتعزيز التعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط.