ينظم متحف بنك المغرب، بعد غد الأربعاء، لقاء حول "النموذج الاجتماعي والسياسي للمجتمع لدى ابن خلدون"، في إطار التبادل الثقافي والمشاركة التي دأب المتحف على تقديمها، منذ إحداثه سنة 2010. وينشط هذا اللقاء، الذي يحاول الإجابة عن الأسئلة الملحة ل"راهنية ابن خلدون"، المؤرخ والفيلسوف والأستاذ الجامعي عبد السلام الشدادي. ويعتبر الشدادي من الباحثين المغاربة الذين اشتغلوا على ابن خلدون وفكره، من خلال دراسة وتحليل وترجمة أعماله، التي توجها بترجمة مقدمة ابن خلدون، وإصدار طبعة نقدية باللغة العربية سنة 2005، اعتمد فيها على أربعين مخطوطا لم تتمكن الأعمال السابقة من الوصول إليها. كما أبرز الشدادي الاعتراف بالدور الرائد الذي لعبه ابن خلدون (1332- 1382 م) في وضع أسس العلوم الاجتماعية الحديثة، بنشر العديد من الكتب تتحدث عن فكر صاحب "المقدمة"، الذي يرى أنه لعب دورا رائدا في وضع أسس العلوم الاجتماعية الحديثة، منها "ابن خلدون مجددا" الذي أصدره عن "دار توبقال"، وترجمة "كتاب العبر" إلى الفرنسية، الذي صدر عن "دار غاليمار" الفرنسية، و"مقدمة ابن خلدون" في طبعة نقدية عن "بيت الفنون والعلوم والآداب"، التي أسسها الباحث لنشر فكر ابن خلدون، و«راهنية ابن خلدون» عن الدار و«ابن خلدون الإنسان ومنظر الحضارة» عن "غاليمار". ويرى الشدادي أن مقدمة ابن خلدون تعتبر المحاولة الأولى المكتملة والجادة، التي درست التاريخ والمجتمع دراسة علمية. كما يؤكد من خلال كتاباته أن" المقاربة والمنهج اللذين استعملهما ابن خلدون في دراسته للمجتمع يقتربان كثيرا من روح العلوم الاجتماعية، التي تبلورت لاحقا في أوروبا، انطلاقا من القرن التاسع عشر" . ويرى الشدادي أن حداثة فكر ابن خلدون مهمة جدا من الناحية النظرية في إطار تاريخ العلوم والأفكار، ولأنه يعني مباشرة العالم العربي والإسلامي، إذ يعتبر الشدادي أنه "ككل المجتمعات الحديثة، ينبغي على مجتمعاتنا أن تعرف نفسها، أي تعرف ماضيها وحاضرها لتفعل فيه وتحددّ من خلاله ملامح مستقبلها"، مضيفا أن "العلوم الإنسانية والاجتماعية محدودة الانتشار في بلداننا لذلك يمنحنا ابن خلدون قاعدة انطلاق ثمينة للقيام بهذه المهمة الضرورية، لأننا نجد عنده أحسن تراكيب التاريخ السياسي والثقافي للعالم العربي والإسلامي إلى حدود القرن الخامس عشر، كما نجد عنده نظرية متكاملة للمجتمع والنظام السياسي لمجتمعاتنا، مّا يمكّننا من فهم واقعنا الاجتماعي والسياسي الراهن فهما حقيقيا".