سخرت كوت ديفوار إمكانيات هائلة لاستقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ الذي يقوم بزيارة رسمية ضمن جولة إفريقية كانت السينغال أولى محطاتها وتشمل، أيضا، الغابون٬ بما يعكس عمق علاقات الصداقة والتعاون العريقة القائمة بين البلدين الصديقين. وهكذا٬ اكتست شوارع وساحات أبيدجان٬ العاصمة الاقتصادية للبلاد٬ أبهى حللها احتفاء بهذا الحدث المهم في السجل الدبلوماسي لكوت ديفوار٬ البلد الإفريقي الوازن الذي بدأ يستعيد أمنه واستقراره. ويرى الإيفواريون، والفرحة تعلو محياهم٬ في زيارة جلالة الملك لبلادهم٬ عربون ثقة في مستقبل وإمكانيات بلدهم، الذي يعد قاطرة لمنطقة غرب إفريقيا. فالكل يتذكر الصداقة التاريخية التي جمعت جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه بالرئيس الإيفواري الراحل فليكس هوفويت بوانيي٬ حينما كان المغرب والكوت ديفوار يشكلان نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه علاقات الأخوة والتضامن بين بلدان القارة السمراء. وهاهي هذه الثقة في المستقبل تتعزز أكثر فأكثر بفضل الإرادة الراسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الحسن واتارا في الحفاظ على الإرث الثمين الذي خلفه الزعيمان الإفريقيان الكبيران٬ الحسن الثاني وهوفويت بونيي٬ ومواصلة بناء علاقات متينة وتعاون مكثف على جميع الأصعدة٬ بما يعود بالرفاه والازدهار والنفع العميم على البلدين٬ ويحقق السلم والاستقرار للقارة الإفريقية التي مازالت تعاني الكثير من بؤر التوتر والصراع. وهكذا٬ فإن جميع ساحات وشوارع وأزقة أبيدجان استعدت على قدم وساق لزيارة جلالة الملك التاريخية. ففي جو حار وذي درجة رطوبة عالية٬ يشتغل عمال بلديون، معظمهم من النساء، دون كلل ولا ملل٬ عبر جميع أرجاء أبيدجان من أجل جعل هذه المدينة٬ التي تعد الأكثر عصرنة في غرب إفريقيا٬ أكثر نظافة وجاذبية مما يعكس أهمية هذا الحدث بالنسبة إلى الحكومة والشعب الإيفواريين وباقي مؤسسات الدولة على حد سواء. فقد أضحى من الصعب التعرف على جسر شارل دوغول الشهير بأبيدجان٬ الواقع على بحيرة تخترق وسط المدينة٬ بعد تزيين جنباته بالعلمين المغربي والإيفواري٬ على غرار جسر هوفويت بوانيي٬ ثاني أكبر جسر بأبيدجان٬ الذي اتشح بلافتات كبرى تحتفي بالصداقة المغربية- الإيفوارية. إلى جانب ذلك٬ هناك صورتان ضخمتان لصاحب الجلالة والرئيس الحسن واتارا تزينان واجهة فندق "إيفوار"٬ الذي يستقبل أعضاء الوفد الرسمي المرافق لجلالة الملك٬ حيث ترى الصورتان من مسافة بعيدة تقدر بمئات الأمتار٬ كما أن مظاهر الحفاوة نفسها تسود حي "كوكودي" الراقي٬ حيث تنتشر صور قائدي البلدين على جميع الواجهات . من جهتها٬ تشعر الجالية المغربية بكوت ديفوار التي تعد الأقدم بمنطقة غرب إفريقيا٬ بفرحة غامرة وفخر واعتزاز كبيرين بمناسبة الزيارة الملكية٬ وقد استعد أعضاؤها بإمكانيات كبرى لاستقبال صاحب الجلالة. ففي "تريتشفيل"٬ الذي يعد أكبر الأحياء التي تحتضن أفراد الجالية المغربية٬ لا حديث إلا عن الزيارة الملكية والحماس الذي طبع الاستعداد لها . وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث الكبير٬ فقد ضرب جميع أفراد الجالية المغربية موعدا بمطار أبيدجان حيث سيخصصون لجلالة الملك استقبالا حماسيا، متمنين لجلالته مقاما سعيدا ومنوهين بالصداقة المغربية الإيفوارية العريقة. وفي الشارع الشهير رقم 12، زينت متاجر بيع الأجهزة المنزلية٬ أحد أهم النشاطات التي يزاولها المغاربة في أبيدجان٬ بالأعلام المغربية وصور صاحب الجلالة٬ ليتضح أن اللونين الأحمر والأخضر أصبحا يشكلان جزءا أساسيا من الحلة البهية التي اكتستها العاصمة الاقتصادية لكوت ديفوار. بدورها٬ فإن الصحافة الإيفوارية أفردت حيزا مهما من صفحاتها لهذا العرس المغربي- الإيفواري٬ لتحتفي هي الأخرى بالزيارة الملكية التي تأتي في سياق خاص للغاية بالنسبة إلى كوت ديفوار٬ البلد الذي خرج لتوه من أزمة دامية دامت سنوات. فمنذ الإعلان عن هذه الزيارة٬ أجمعت الصحف الإيفوارية٬ التي لا تتفق إلا لماما على أمر واحد٬ على التحية والترحيب بمقدم صاحب الجلالة٬ مؤكدة عزم البلدين الصديقين على مواصلة مسلسل تعزيز العلاقات التاريخية القائمة بينهما. وفي هذا الإطار٬ سجلت اليومية الإيفوارية "فراتيرنيتي ماتان" ذات السحب المهم٬ أن "محور الرباط- أبيدجان سيعرف نفسا جديدا بحلول عاهل المملكة المغربية بالعاصمة الاقتصادية للبلاد"٬ فيما حيت صحف أخرى السلوك المثالي والشجاع لمغاربة كوت ديفوار، حيث أبى الفاعلون الاقتصاديون المغاربة٬ رغم الأزمات الكثيرة التي اجتازتها البلاد٬ إلا أن يظلوا مستقرين بالبلاد في الوقت الذي فضل فيه الآخرون الرحيل. ولم يدخر الإيفواريون٬ حكومة وشعبا ومؤسسات٬ أي جهد لتخصيص استقبال منقطع النظير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يعكس متانة وعراقة علاقات الصداقة والتعاون التي جمعت على الدوام المملكة المغربية بجمهورية كوت ديفوار.