اختارت "المغربية"، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، استحضار إحدى أهم الوثائق المؤسسة للحركة النسائية المغربية، من أجل تبيان أن ثقافة حقوق النساء ليست دخيلة على المجتمع المغربي وأن ما يعيشه المغرب من زخم ودينامية على مستوى مطالب الجمعيات النسائية هو امتداد لثقافة كانت سائدة قبل أواسط القرن الماضي. تستحق هذه الوثيقة، التي نشرت في العديد من المنابر وقتئذ، قراءة متأنية وكثيرا من التأمل وإجراء المقارنة مع مطالب الحركة النسائية المغربية اليوم، واستخلاص العديد من العبر. جاء في الوثيقة "انعقد بمدينة مكناس، يوم الثلاثاء 19 صفر 1371 موافق 25 شتنبر 1956، المؤتمر الخامس لمنظمة "أخوات الصفا" النسائية، تحت الرئاسة الشرفية للسيدة ثورية بوطالب، زوجة الأستاذ عبد الهادي بوطالب، وجرت أشغال المؤتمر بمنزل الرئيسة، الآنسة سعاد بنت مولاي الحسن بن سليمان العلوي، المفتشة العامة للفروع النسائية لحزب الشورى والاستقلال بالمغرب". حضر المؤتمر عدد كبير من ممثلات الجمعيات والفروع النسائية الشورية بكل أنحاء المغرب، وأسفر اللقاء عن مجموعة من المقررات المثبتة أدناه: اعتبارا للعهد الجديد، الذي يتطلب من سائر المواطنين والمواطنات المشاركة الفعالة في الثورة الاجتماعية المغربية، وإعدادا لبدور هذه الثورة، التي تيسر للمرأة المغربية التوفيق بين عملها في المجتمع وواجباتها في الأسرة، ورغبة في مساهمتها بأكبر نصيب في الإصلاح الاجتماعي لتدعيم ازدهار المستقبل بما يضمن للمرأة المغربية حقها ويصون كرامتها، ويجعلها عضوا عاملا في بناء مجد المغرب المستقل، لهذه الأسباب، ولحماية الأسرة من فساد بعض الأوضاع والتقاليد نقرر ما يأتي: 1 نظرا للمشاكل العائلية المترتبة عن تعدد الزوجات، نطالب بإصدار منع قانوني لهذا التعدد، ما لم يكن ضروريا. 2 اعتبارا للمصلحة الاجتماعية والحدود الطبية التي تجعل الزواج في سن مبكرة مضرا بالفتاة والنسل، نطالب بإصدار قرار يحدد السن القانونية للزواج. 3 تفاحش المهور، والتنافس في غلائها يعرقل الزواج، ويقف عقبة في وجوه الشبان والشابات الذين يرغبون في بناء الأسر والعائلات، لهذا قرر رأي المجتمعات على المطالبة (وبصفة إجماعية) بإلغاء المهور، وقيام الرجل بأثاث بيته حسب مستواه المادي، بقطع النظر عن مستوى الزوجة من فقر وغنى، ليكتب لها ذلك الأثاث في الصداق، مع تعيين قدر ضئيل لتحليل الصداق. وبهذه المناسبة، ننبه إلى أن المؤتمر الثاني لجمعية "أخوات الصفا" بفاس، كان قرر العمل على التخفيض من مقادير المهور. 4 منع زواج الفتيات الصغيرات من الكهول إلا برضاهن، وفي ظروف استثنائية. 5 المطالبة بتخصيص إعانات من الحكومة المغربية لمساعدة الأسر التي لها أطفال كثيرون، يشق عليها القيام بمطالبهم في الغذاء والتربية، وإعداد لجان في كافة أنحاء المغرب للبحث عن هذه الأسر، وتعيين المحتاجين منها للمساعدة. 6 فتح ملاجئ لجميع اللواتي لا قدرة لهن على العمل، ومآوي للمشردات. 7 إعداد مراكز في جميع أنحاء المغرب لإيواء العاطلات المغربيات، مع عرضهن على العمل بأجرة محدودة. 8 إصدار قانون يقضي باحترام شخصية المرأة ويحفظ كرامتها، ويمنع إهانتها بأي نوع من الإهانات، مع تحديد نوع العقاب للمخالفين. 9 فتح الأبواب أمام المرأة لمشاركتها في الجيش الملكي، وإعداد أقسام لها بالمدارس العسكرية، وإرسال بعثات منها إلى الخارج لدراسة الشؤون العسكرية. 10 مشاركة المرأة في المجالس الاستشارية والانتخابات البرلمانية، ومراعاة حقها في التصويت. 11 تعيين لجان محلية نسوية ببعض المحاكم الشرعية، تبث في الخصومات العائلية، وتدافع عن حق المرأة، باعتبار النزاعات الخاصة، التي لا يعرف مكامنها إلا النساء. 12 التعجيل بتحويل السجون النسوية إلى مدارس التربية الدينية والأخلاقية والمنزلية". هذه كانت بعض مطالب الحركة النسائية المغربية في منتصف القرن الماضي، منها ما تحقق ومنها مطالب مازالت قيد الانتظار والنضال.