ذكر بعض التجار ل"المغربية" خلال زيارتها لسوق الفحم في الدارالبيضاء، قصد رصد فترات رواج هذه المادة، أن العديد من الناس يفضلون استعمال الفحم للطهي، لاقتران ذلك بالنكهة الخاصة التي يتميز بها الأكل المطهو على الفحم مقارنة مع طهيه على موقد نار أصلها من الغاز أو الكهرباء، مؤكدين أن تقلبات الطقس، مثل موجات البرد الفصلية، لا تؤثر في حجم الرواج بالسوق. ولأن التطور التكنولوجي والإلكتروني يفرض وجوده على الحياة اليومية للفرد، فإن المعدات والأفرنة الكهربائية والغازية لم تمنع، مع ذلك، بعض الناس من الاستعانة بالفحم في إعداد الأكل على إيقاع يصفه هؤلاء التجار ب"المتأني"، إذ يستغرق طهي الأكل على الفحم الملتهب وقتا أطول، مقارنة مع الوسائل الأخرى، وهنا مكمن التميز والخصوصية، وفق ما عبر عنه هؤلاء التجار، الذين ما فتئوا يؤكدون أن تجارة الفحم غير مرتبطة بموسم معين، أو بانخفاض درجة الحرارة، أو بأشخاص بعينهم، لأن مستعملي الفحم زبائن مختلفون، بينهم أصحاب المقاهي والمطاعم والفنادق، الذين يحرصون على الاستعانة بالفحم تحت طلبات الوافدين عليها، بالإضافة إلى منظمي الحفلات والأعراس، إلى جانب الناس العاديين الذين يشتهون بين الفينة والأخرى الاستمتاع بأكل مطبوخ على وهج فحم متأجج، أما بعض الزبائن، فقد يستعملون الفحم لإيقاد مدفئاتهم بموازاة استعمال الخشب المحروق. وتختلف جودة الفحم تبعا لنوع الخشب المستعمل في وحدة الاحتراق في "الكوشة" (الموضع الذي تجمع فيه وتحرق حد التفحم)، حسب ما أفاد به بعض التجار "المغربية"، مشيرين إلى أن الزبون نادرا ما يميز بين أنواع الفحم، فتبقى المسؤولية على التاجر لمد الزبون بالنوع الجيد والأكثر اتقادا لوقت أطول، ففحم شجر البلوط الأخضر (الكروش) يصل ثمنه إلى 6 دراهم للكيلوغرام، وشجر البرتقال إلى 7 دراهم للكيلوغرام، وهما الأكثر طلبا واستعمالا، أما فحم الأوكليبتوس فيصل إلى 4 دراهم للكيلوغرام، وفحم اللوز بخمسة دراهم، واستعمالهما مقرون بغلاء أسعار الأنواع الأخرى. وأوضح بعض التجار أن الشاحنات التي تتوافد على السوق، المحملة بأطنان من الفحم، تأتي معظمها من مدينة أكادير ونواحي الغرب، وقد تصل حمولة الشاحنة إلى 18 طنا، يكلف اقتناؤها حوالي 60 ألف درهم، بما يعادل 3 دراهم ونصف الدرهم للكيلوغرام، ليعاد بيعها بالتقسيط أو بالجملة حسب طلبات الزبائن. وأكد بعض تجار الفحم أن الرواج في سوق الفحم يكون طيلة السنة، لتعدد الزبائن الذين تتنوع دوافع استعمالهم للفحم، مشيرين إلى أن وفرة الفحم رهينة بعدد الأشجار المتوفرة وسط الغابات والتي يشترط أن تكون جذوعها ميتة، ولم تعد مؤهلة للنمو والتوريق.