أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصر الله٬ أمس، صلاة الجمعة بمسجد "الضياء" بالرباط. وبين الخطيب٬ في مستهل خطبة الجمعة٬ أن الله سبحانه وتعالى أراد بالأمة الإسلامية خيرا وشاء لها سبحانه أن تكون أكرم أمة أوجدها في هذه الحياة الدنيا٬ فشرح صدرها لدين الإسلام وأنار قلوبها وعقولها بنور الإيمان ووفقها بذلك لصالح الأعمال وجعل الوسيلة في ذلك كله نبيه ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام. وذكر الخطيب بحلول ربيع الشهور بذكرياته التي عطرت أرجاء دنيا الإنسان وبأنواره المشرقة التي بددت دياجير الظلام٬ بميلاد خير الأنام النبي محمد عليه السلام٬ مؤكدا أن بعثته٬ صلى الله عليه وسلم٬ جاءت في وقتها المناسب تماما لتستقيم الدنيا على الموازين المعتدلة وتتجدد فيها قيم الحق والخير والجمال، فتعود للحياة بهجتها وتستعيد الإنسانية رسالتها الفطرية التي خلقها الله من أجلها. وأضاف أن مولد النبي الكريم كان بحق رحمة اكتنفت الكون كله بكل من فيه وما فيه٬ مصداقا لقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"٬ مبرزا أن الله تعالى شهد في كتابه العزيز أن الرسول الأكرم نموذج الإنسان الكامل "وإنك لعلى خلق عظيم"٬ ومعنى الإنسان الكامل المثال الذي يسعى الناس إلى الاقتداء به والاقتباس من حياته وسنته وهديه لكي يتحقق الاكتمال المطلوب في حياة المؤمن والمؤمنة٬ وهو اجتهاد دائم وتصحيح متواصل ومساءلة للذات صباح مساء، ونقد شخصي ومحاسبة للنفس، سواء في ما يتعلق بحقوق الله تعالى أو بحقوق العباد. وأوضح الخطيب أن حقوق العباد تبدأ من حقوق الأهل لتمتد إلى حقوق الجار ثم حقوق الحي فحقوق الجماعة مرورا بحقوق الوطن والأمة لتنتهي إلى حقوق الإنسان من حيث هو مخلوق لله ومن عياله٬ مذكرا بأنه كلما حل بنا موعد الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول الكريم إلا وتجدد بها توقفنا عند هذا المشروع المركزي من الحياة٬ أي مشروع السعي الجاد المستمر الصابر إلى الاكتمال والصلاح والفلاح٬ مستعينين في ذلك بنموذجية مواقفه صلى الله عليه وسلم ونماذج التربية التي ربى عليها أصحابه رضوان الله عليهم. وأكد أن التاريخ شهد٬ كما أثبتت ذلك الآثار٬ أن حب الرسول الكريم ملك على المغاربة أفئدتهم وملأ كل ذرة في قلوبهم، فهاموا بحبه وتفننوا في مدحه وبالغوا في ذكره وأفردوا لذلك مجالس نثر وشعر. ويكفي المغاربة فخرا في محبة الرسول٬ يضيف الخطيب٬ أن تربع على عرش ملكهم٬ طيلة إثني عشر قرنا٬ ملوك أماجد من آل بيته وعترته صلى الله عليه وسلم حتى إن تاريخهم الذي يفخرون به انبنى على هذه المحبة للنبي الأكرم وعلى الالتحام بذريته من الملوك الذين قادوا سفينتهم في سبل الهدى والرشاد من حراسة الأرض وإصلاح أحوال العيش ومحاربة الفقر والإقصاء والحرمان واستنهاض الهمم للتمسك بكريم الأخلاق وإذكاء حماس العمل الجاد في النفوس. وقال الخطيب إننا٬ ونحن نحتفل اليوم بذكرى ميلاد سيد الوجود٬ فإننا نستحضر ما يجب علينا من محبته ومعرفة سيرته وشمائله٬ مبرزا أن من جملة المقاصد الحميدة لهذه الذكرى الطيبة أن يزداد كل مسلم ومسلمة تثبيتا لمحبة النبي في قلبه وإحساسه وترسيخا لها في نفسه وشعوره وأن يربي على محبة الله ورسوله ذريته وأولاده٬ لأن محبة الله ورسوله إذا رسخت في القلوب وتمكنت في النفوس سعدت بها واطمأنت واستقامت أحوالها ودفعت بها إلى كل خير وفضيلة٬ سيما أن المحبة الحقيقية لله ولرسوله تقتضي التفاني في الاستجابة والطاعة لهما في الأقوال والأفعال وفي كل الأوقات والأحوال. وابتهل الخطيب٬ في الختام٬ إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين٬ حامي حمى هذا البلد الأمين٬ سليل الدوحة النبوية العطرة وسبط النبي الأمين جلالة الملك محمد السادس٬ نصرا عزيزا يعز به الدين ويوحد به كلمة المسلمين٬ وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.