من أبرز الأحداث الثقافية المؤلمة التي سجلتها سنة 2012 رحيل العديد من المبدعين المغاربة، من أبرزهم صاحبة "مملكة الأولياء" الباحثة الأنتروبولوجية زكية زوانات، التي غادرت إلى دار البقاء في غشت الماضي٬ مخلفة أبحاثا رصينة في التصوف وعالم الروحانيات. الباحثة الأنتروبولوجية المغربية الراحلة زكية زوانات عرفت الراحلة بكتابها الشهير"مملكة الأولياء"، الذي يعتبر الكتاب الأول من نوعه في المغرب، وفيه يجد القارئ نفسه إزاء نوع من السياحة الروحية في الجغرافيا المقدسة للمغرب. إذ حاولت في هذا العمل المتميز دراسة قيم المغاربة وإبراز القيم التي يتمتع بها كل ولي من الأولياء المغاربة، من خلال البحث عن حقيقة الأولياء وأصولهم وعاداتهم وطلبهم للعلم والمعرفة بالتنقيب عن آثارهم في مخطوطاتهم أو لدى المريدين والأتباع٬ ومساهمتها في كتابة الموروث الشفهي عبر مؤلفاتها وكتبها، برصانتها الأكاديمية المعهودة، بحيث زارت الراحلة من أجل إنجاز هذه الموسوعة 300 ضريح في المغرب. كما خلفت أعمالا متميزة طبعت مجال علوم الأنثروبولوجيا في المغرب وأجرت أبحاثا ميدانية عديدة عن شيوخ الصوفية الكبار٬ ويبقى أهم كتاباتها مؤلف عن القطب مولاي عبد السلام بنمشيش الذي يعد رمزا من رموز الصوفية. ونقلت الراحلة إلى الفرنسية كتاب "لذهب الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز" لابن مبارك اللمطي، الذي صدر في فرنسا سنة 2007، كما أصدرت كتاب "التصوف والبحث عن النور" و"في حديقة حواء". وشهدت السنة ذاتها وفاة الروائية والشاعرة المغربية حفيظة الحر٬ التي كان لها حضور لافت في المشهد الأدبي تجسد أساسا من خلال روايتي "فاتحة الجرح" و"امرأة .. وبقايا رجل"٬ إضافة إلى رواية مخطوطة تحت عنوان "بين الآيتين" وديوان شعري مخطوط بعنوان "تسليت". وشهدت السنة ذاتها وفاة الشاعر عبد الرزاق جبران٬ صاحب ديواني "أسماء" و"بياض الحروف"٬ وعرف الراحل من مواليد سنة 1960 "بعشقه الكبير للحياة٬ وبإقباله المتزايد عليها حتى وهو طريح الفراش. وعلى إثر حادثة سير مروعة، فقدت أسرة التعليم العالي واحدا من أعضائها النشطين وباحثا متمرسا في مجال اللسانيات عبد الواحد خيري، الذي تميز باهتماماته اللغوية التي تشكلت خلال مساره الأكاديمي بجامعة باريس 8، التي حصل منها على درجة الدكتوراه. وأسهم خيري في مجال تخصصه بقسط وافر من البحث والدراسة من خلال مشاركاته في الندوات والأيام الدراسية المنظمة من طرف مختلف الجامعات المغربية. وصدر له سنة 2010 مؤلف "السمات في التحليل اللغوي"، كما قام بترجمة كتاب جوست زفارت، "البنيات التركيبية والبنيات الدلالية: علاقة الشكل بالمعنى في اللغة" الذي نشر من طرف دار الحوار سنة 2008.