أكد المشاركون في أشغال الندوة الجهوية السادسة للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة٬ التي اختتمت، مساء أول أمس السبت، بمدينة مراكش، ضرورة الاستمرار في مبدأ حرية الإثبات بخصوص المادة الزجرية، والعمل على توضيح بعض المقتضيات المرتبطة به. دعا المشاركون في الندوة، التي نظمت على مدى يومين٬ حول موضوع "تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة"، إلى إعادة النظر في نظام الإثبات في المادة الزجرية٬ من خلال اعتماد وسائل إثبات تقنية حديثة وتقنين بعضها. وأجمع المشاركون على أهمية إعادة النظر في تحصيل الغرامات المحكوم بها لفائدة الدولة٬ من خلال وضع آليات جديدة كفيلة بتسهيل عملية التحصيل وتفادي الثغرات التي كانت معروفة في النظام المعمول به حاليا. وتميزت الندوة، التي حضرها أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني، والعديد من القضاة والمحامين، ورجال القانون، والخبراء، وممثلو المهن القضائية٬ بعروض تمحورت حول مجموعة من القضايا والمواضيع، تتعلق بمنظومة العدالة وتصورات إصلاحها، منها "الإثبات في المادة الزجرية"، و"التنفيذ الزجري"، و"رسالة الدفاع وتعزيز حقوق الضحايا والحريات". وتناول المشاركون مجموعة من القضايا والمواضيع ذات الارتباط بآليات العدالة الجنائية٬ خاصة ما يتعلق بالاعتقال الاحتياطي، وسلطة القاضي في تقدير العقوبة والإثبات٬ إضافة إلى ما يتعلق بحجية محاضر الشرطة القضائية، والوسائل الخاصة للبحث والتحري، وتنفيذ العقوبات المالية، ومحدودية الأداء، وأوضاع السجون، وتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، ومهام الخبير الطبي وبروتوكول اسطنبول. ويسعى مخطط الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية كبرى٬ يتمثل الأول في توطيد الثقة والمصداقية في القضاء المستقل والنزيه والفعال، مع تعزيز دوره في ضمان ممارسة الحقوق والحريات وتأمين شروط المحاكمة العادلة تحقيقا للأمن القضائي. أما الهدف الاستراتيجي الثاني، فيتحدد في تسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة والقانون، والرفع من شفافية وجودة الخدمات القضائية، وضمان سرعة الإجراءات٬ بينما يتمثل الهدف الثالث في تأهيل منظومة العدالة وتحديثها خدمة للمواطن ومتطلبات التنمية. وقال مصطفى الرميد٬ وزير العدل والحريات٬ إن الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة يكتسي أهمية بالغة ومتميزة، لأنه يأتي في سياق تحولات كبرى يعرفها الميدان القضائي٬ ويشكل منهجية جديدة في مجال إصلاح قطاع العدالة تهدف إلى تقديم رؤية مجتمعية وشاملة بإشراك كل الفعاليات المعنية. وأضاف الرميد٬ في افتتاح أشغال الندوة، المنظمة في إطار ندوات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة٬ أن هذه المبادرة تقوم على مبدأ التشاركية٬ وتنبني على منهجية الحوار متعدد المستويات٬ مشيرا إلى أن هذا الحوار قطع محطات مهمة، وعرف إقبالا كبيرا من كل المعنيين بقطاع العدالة. وأكد الرميد أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة سيدخل، في مرحلته السادسة بمراكش، منعطفا "حاسما، لأنها ستبدأ في معالجة مواضيع حساسة تتعلق بتحديث السياسة الجنائية، وتطوير العدالة الجنائية، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة والحكامة القضائية، وغيرها من القضايا الكبرى التي تهم منظومة العدالة بكل مكوناتها"، مشيرا إلى إحداث لجنتين، سيعهد لهما بمراجعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية. وكان عشرات من كتاب الضبط، المنضوين في النقابة الديمقراطية للعدل، حجوا من مختلف محاكم المملكة، نظموا وقفة احتجاج، صباح يوم الجمعة الماضي، أمام الفندق الذي احتضن أشغال الندوة الجهوية السادسة للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، ما خلف حالة استنفار في أوساط مختلف أجهزة الدرك الملكي والقوات العمومية التي منعت المحتجين من ولوج الفندق.